للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أحلها الله لهم، مثل البحيرة والسائبة والوصيلة، وأباحوا لأنفسهم محرمات حرمها الله عليهم، وهي الميتة والدم ولحم الخنزير وما ذبح على النصب؛ أي: لِمَ يحكمون بتلك الأحكام الباطلة؛ أي: أيكفرون بتوحيد الله تعالى، فيؤمنون بنفع الباطل الذي هو الأصنام، فإنهم يزعمون ذلك على ما حكي عنهم بقوله تعالى: {وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}، فالباطل (١) هو اعتقادهم في أصنامهم أنها تضر وتنفع، وقيل: الباطل ما زين لهم الشيطان من تحريم البحيرة والسائبة ونحوهما.

{وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ}؛ أي: وبإنعام الله عليهم بتحليل الطيبات وتحريم الخبائث {يَكْفُرُونَ}؛ أي: يجحدون، أو المراد (٢) بالباطل الأصنام وما يفضي إلى الشرك، وبنعمة الله الإِسلام والقرآن وما فيه من التوحيد والأحكام، وذكر الجملة الأخيرة هنا بزيادة (٣) هم فيها، وفي العنكبوت بدونها؛ لأنَّ ما هنا اتصل بقوله: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} إلخ، وهو بالخطاب، ثم انتقل إلى الغيبة فقال: {أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} فلو ترك هم لالتبست الغيبة بالخطاب، بأن تبدل الياء تاءً اهـ "كرخي".

وقرأ الجمهور (٤): {يُؤْمِنُونَ} بالياء، وهو توقيف للرسول - صلى الله عليه وسلم - على إيمانهم بالباطل، ويندرج في التوقيف المعطوف بعدها، وقرأ السلمي: بالتاء ورويت عن عاصم، وهو خطاب إنكار وتقريع لهم.

٧٣ - {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} سبحانه وتعالى؛ أي: ويعبد هؤلاء المشركون بالله من دونه تعالى {مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا}؛ أي: أصنامًا لا تقدر رزقًا لهم وإعطاءً شيئًا من خزائن السموات والأرض، فلا تقدر على إنزال القطر من السموات لإحياء الميت من الأرضين، ولا تملك لهم رزقًا منها، فلا تقدر على إخراج شيء من نباتها ولا ثمارها، ولا على شيء مما ذكر في سالف


(١) الشوكاني.
(٢) روح البيان.
(٣) الفتوحات.
(٤) البحر المحيط.