للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التفصيلية، مع اشتماله على بيان قواعد اللغة الكلية، وهكذا كل علم من العلوم التي لها مزيد نفع في فهم كتاب الله وسُنة رسوله، فإنه قد نادى على نفسه بأرفع صوت بأنه جاهل مجادل بالباطل، طاعن في العلوم الشرعية، مستحق لأن تنزل به قارعة من قوارع العقوبة التي تزجره عن جهله وضلاله وطعنه على ما لا يعرفه ولا يعلم به، ولا يحيط بكنهه، حتى يصير عبرة لغيره، وموعظة يتعظ بها أمثاله من ضعاف العقول، وركاك الأديان، ورعاع المتلبسين بالعلم زورًا وكذبًا.

{أم} في قوله: {أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} هي المنقطعة، وقرأ أبو حيوة {أماذا} بتخفيف الميم، أدخل همزة الاستفهام على اسم الاستفهام على سبيل التوكيد والمعنى: بل أي شيء كنتم تعملون حتى شغلكم ذلك عن النظر فيها، والتفكر من معانيها، وهذا الاستفهام على طريق التبكيت لهم. يعني (١): لم يكن لهم عمل غير الجهل والتكذيب، والكفر والمعاصي، كأنهم لم يُخلقوا إلا لها، مع أنهم ما خُلقوا إلا للعلم والتصديق والإيمان والطاعة، يخاطبون بذلك تبكيتًا، فلا يقدرون أن يقولوا: فعلنا غير ذلك.

٨٥ - ثم يكبون في النار، وذلك قوله تعالى: {وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ}؛ أي: حل بهم العذاب الذي هو مدلول القول الناطق بحلوله ونزوله {بِمَا ظَلَمُوا}؛ أي: بسبب ظلمهم الذي هو التكذيب بآيات الله {فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ} باعتذار لشغلهم بالعذاب، أو لختم أفواههم.

والمعنى (٢): أي وحل بأولئك المكذبين بآيات الله السخط والغضب والعذاب بسبب تكذيبهم بها، فهم لا ينطقون بحجة، ولا معذرة يدفعون بها عن أنفسهم عظيم ما حل بهم من العذاب الأليم.

ونحو الآية قوله: {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٣٦)}

٨٦ - وبعد أن خوَّفهم من أهوال يوم القيامة ذكر الدليل على التوحيد والحشر والنبوة، فقال:


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.