للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قلوبهم مخاطبين للنبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين {إِنْ أَنْتُمْ}؛ أي: ما أنتم أيها المؤمنون {إِلَّا مُبْطِلُونَ}؛ أي: مزورون؛ أي: ما أنت وأصحابك يا محمد إلا أصحاب أباطيل، تتبعون السحر وما هو مشاكل له في البطلان.

والمعنى: أي والله لئن جئتهم بكل الآيات لا يؤمنون بها، بل يعتقدون أنها سحر مفترًى، وما هي إلا أساطير الأولين، ونحو هذا قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (٩٦) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (٩٧)}.

فإن قلت: لم (١) أفرد الخطاب في قوله: {وَلَوْ جَاءَتْهُمْ} وجمعه في قوله: {إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ}؟

قلت: في ذلك لطيفة، وهي كأن الله تعالى قال: ولئن جئتهم بكل آية جاءت بها الرسل .. أجابوا بقولهم: أنتم كلكم أيها المدعون الرسالة مبطلون.

٥٩ - {كَذَلِكَ}؛ أي: مثل ذلك الطبع الفظيع، الذي طبع على هؤلاء المشركين {يَطْبَعُ اللَّهُ} سبحانه؛ أي: يختم الله بسبب اختيارهم الكفر على الإيمان. {عَلَى قُلُوبِ} كل الجهلة {الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} توحيد الله تعالى، ولا يطلبون العلم النافع الذي يهتدون به إلى الحق، وينجون به من الباطل، ويصرون على خرافات اعتقدوها، وترهات ابتدعوها، فإن الجهل المركب يمنع إدراك الحق، ويوجب تكذيب المحق.

والمعنى (٢): أي كذلك يختم الله على قلوب الذين لا يعلمون حقيقة ما تأتيهم به من العبر والعظات، والآيات البينات، فلا يفقهون الأدلة ولا يفهمون ما يتلى عليهم من آي الكتاب، لسوء استعدادهم، ولما دسوا به أنفسهم من سوء القول والفعل، فهم في طغيانهم يعمهون.

٦٠ - ثم ختم السورة بأمر الرسول بالصبر على أذاهم، وعدم الالتفات إلى


(١) الفخر الرازي بتصرف.
(٢) المراغي.