١٣٣ - {فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ}؛ أي: أرسلنا على آل فرعون عقوبة على جرائمهم، وقد عدد سبحانه هنا من الآيات والعقوبات خمسا، وفي سورة الإسراء تسعا، الأول: منها ما ذكره بقوله: {الطُّوفانَ}؛ أي: أنزلنا عليهم مطرا أغرق أرضهم، وأتلف زرعهم وثمارهم، وبيوت بني إسرائيل وبيوت القبط متشبكة مختلطة، فامتلأت بيوت القبط حتى قاموا في الماء إلى تراقيهم، ومن جلس منهم غرق، ولم يدخل من ذلك الماء في بيوت بني إسرائيل شيء، وركب ذلك الماء على أرضهم، فلم يقدروا أن يحرثوا ولا يعملوا شيئا، ودام ذلك عليهم سبعة أيام، من السبت إلى السبت، حتى كان الرجل منهم لا يرى شمسا ولا قمرا، ولا يستطيع الخروج من داره، فصرخوا إلى فرعون فاستغاثوا به، فأرسل إلى موسى عليه السلام فقال: اكشف عنا العذاب فقد صارت مصر بحرا واحدا؛ فإن كشفت هذا العذاب عنا .. آمنا بك، فأزال الله تعالى عنهم المطر، وأرسل الريح، فجفت الأرض، وخرج من النبات ما لم ير مثله قط، فقالوا: هذا الذي جزعنا منه خير لنا، لكنا لم نشعر، فلا والله لا نؤمن بك ولا نرسل معك بني إسرائيل، فنكثوا العهد ولم يؤمنوا، فأقاموا شهرا في عافية {وَ} أرسل الله عليهم {الْجَرادَ} فأكل زروعهم وثمارهم، وأبوابهم وسقوفهم وثيابهم، وابتلي الجراد بالجوع، فكانت لا تشبع، ولم يصب بني إسرائيل شيء من ذلك، وعظم الأمر عليهم، حتى صارت عند طيرانها تغطي الشمس، ووقع بعضها على بعض في الأرض ذراعا، فضجوا في ذلك إلى موسى وقالوا: يا موسى أدع لنا ربك لئن كشفت عنا الرجز .. لنؤمنن لك، فأعطوه عهد الله وميثاقه، فدعا موسى عليه السلام، فكشف الله تعالى عنهم الجراد بعد ما أقام عليهم سبعة أيام، من السبت إلى السبت، فأرسل الله تعالى ريحا فألقته في البحر، وكان قد بقي من زرعهم وغلاتهم بقية، فنظروا إلى ما بقي منها فقالوا: هذا الذي بقي يكفينا، ولا نؤمن بك {وَ} أقاموا شهرا في عافية، فأرسل الله عليم {الْقُمَّلَ} واختلفوا في معنى القمل، والصحيح أنّه هو القمل المعروف الذي يكون في بدن الإنسان وثيابه، ويؤيد هذا المعنى قراءة الحسن:{وَالْقُمَّلَ} - بفتح القاف وسكون الميم - فيكون فيه لغتان. القمل - بصم القاف وتشديد الميم المفتوحة - كقراءة الجمهور، والقمل