للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الآيات، مما أنعم الله به على عباده، {وَلَا يَسْتَطِيعُونَ} معطوف على صلة {مَا}؛ أي: ويعبدون من دون الله ما لا يستطيعون، أي: أصنامًا لا تستطيع ولا تقدر أن تتملك شيئًا من أرزاق السموات والأرض لنفسها، فضلًا عن الإعطاء لهم؛ لأنها جماد، وفائدة (١) قوله: {وَلَا يَسْتَطِيعُونَ} أن من لا يملك شيئًا قد يكون في استطاعته أن يتملكه بوجه من الوجوه، فبين بذلك أن هذه الأصنام لا تملك، وليس في استطاعتها تحصيل الملك.

و {مَا} في قوله: {مَا لَا يَمْلِكُ} عبارة (٢) عن الأصنام، فهي مفردة لفظًا جمع معنىً، فقوله: {لَا يَمْلِكُ} فيه مراعاة لفظها، وقوله: {وَلَا يَسْتَطِيعُونَ} فيه مراعاة معناها، وهو معطوف على {لَا يَمْلِكُ} فهو من الصلة، وجمع جمع العقلاء في قوله: {وَلَا يَسْتَطِيعُونَ} بناء على زعمهم الباطل، وقيل يجوز أن يكون الضمير في {يَسْتَطِيعُونَ} للكفار؛ أي: لا يستطيع هؤلاء الكفار مع كونهم أحياءً متصرفين فكيف بالجمادات التي لا حياة لها ولا تستطيع التصرف.

وقوله: {رِزْقًا} مفعول {يَمْلِكُ}، وهو اسم مصدر بمعنى الإعطاء، و {شَيْئًا} مفعوله؛ أي: ما لا يملك ولا يقدر رزقًا وإعطاءً لهم شيئًا من أرزاق السموات والأرض،

٧٤ - وبعد أن بين ضعفها وعجزها رتب على ذلك ما هو النتيجة له فقال: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ}؛ أي: فلا (٣) تجعلوا أيها المشركون لله سبحانه وتعالى الأمثال والأشباه، ولا تشبهوه بخلقه، فإنه لا مثيل له ولا شبيه، أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في معنى الآية: أي لا تجعلوا معي إلهًا غيري فإنه لا إله غيري، ثم هددهم على عظيم جرمهم، وكبير ما اجترحوا من الكفر والمعاصي فقال: {إِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {يَعْلَمُ} كنه ما تفعلون من الإجرام وعظيم الآثام، وهو معاقبكم عليه أشد العقاب {وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} حقيقته ولا مقدار عقابه، ومن ثم صدر ذلك منكم، وتجاسرتم عليه، ونسبتم إلى الأصنام ما لا يصدر منها، ولا هي منه في قليل ولا كثير، وقال الزجاج (٤): لا تجعلوا لله


(١) المراغي.
(٢) الفتوحات.
(٣) المراغي.
(٤) الشوكاني.