للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ونحو الآية قوله: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْناهُمْ عَذابًا فَوْقَ الْعَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ (٨٨) أي: زدناهم عذابا شديدا بصدهم الناس عن سبيل الله، فوق العذاب على كفرهم بسبب إفسادهم في الأرض بهذا الصد عن الحق.

١٥٨ - والاستفهام في قوله: {هَلْ يَنْظُرُونَ} إنكاري بمعنى النفي؛ أي: ما ينتظر هؤلاء المشركون من أهل مكة وغيرهم {إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ}؛ أي: ملائكة الموت الذين يقبضون أرواحهم من عزرائيل وأعوانه، أو ملائكة العذاب. وقرأ الكسائي وحمزة: {إلا أن يأتيهم} - بالياء - أَوْ إلا أن {يَأْتِيَ رَبُّكَ} يا محمد يوم القيامة للحكم (١) وفصل القضاء بين الخلائق إتيانا يليق به لا نكيفه ولا نمثله {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} كما جاء في آية أخرى: {وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢)}. وقيل المراد بإتيان الله إتيان ما وعد به من النصر لأوليائه، وأوعد به أعداءه من العذاب في الدنيا كما جاء في قوله: {فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا}. وقيل أو يأتي أمر ربك بإهلاك {أَوْ} إلا أن {يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ}؛ أي: بعض علامات ربك الدالة على قرب الساعة، وهي عشرة (٢)، وهي العلامات الكبرى، وهي الدجال، والدابة، وخسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، والدخان، وطلوع الشمس من مغربها، ويأجوج ومأجوج، ونزول عيسى، ونار تخرج من عدن تسوق الناس إلى المحشر. وتقدير الآية (٣): أنهم لا يؤمنون بك يا محمد إلا إذا جاءتهم إحدى هذه الأمور الثلاثة، فإذا جاءتهم إحداها آمنوا، وذلك حين لا ينفعهم إيمانهم.

والخلاصة (٤): أنهم لا ينتظرون إلا أحد أمور ثلاثة: مجيء الملائكة، أو مجيء ربك بحسب ما اقترحوا بقولهم: {لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا} وقولهم: {أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا}، أو مجيء بعض آيات ربك غير ما ذكر كما اقترحوا بقولهم: {أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفًا} ونحو ذلك من


(١) عمدة التفاسير.
(٢) المراح.
(٣) الخازن.
(٤) المراغي.