للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

محذوف وجوبًا، تقديره: بئس مثواهم جهنم.

والمعنى: أي فبئس المصير، وبئس المقيل لكم، بسبب تكبّركم في الدنيا، وإبائكم عن اتباع الحق، فهو الذي صيّركم إلى ما أنتم فيه، فبئس الحال وبئس المآل.

و {اللام}: فيه للجنس، ولا يقدح ما فيه من الإشعار بأن كون مثواهم جهنم، لتكبرهم عن الحق، مع أن دخولهم النار بسبق كلمة العذاب عليهم، فإنها إنما حقت عليهم بناءً على تكبرهم وكفرهم، فتكبرهم وسائر مقابحهم مسببة عن ذلك السبق، وفيه (١) إشارة إلى أن العصاة صنفان، صنف منهم متكبرون، وهم المصرون متابعو إبليس، فلهم الخلود في النار، وصنف منهم متواضعون، وهم التائبون متابعو آدم، فلهم النجاة، وبهذا الدليل ثبت أن ليس ذنب أكبر بعد الشرك من الكبر، بل الشرك أيضًا يتولد من الكبر، كما قال تعالى: {أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ}.

٧٣ - ولما ذكر فيما تقدم حال الذين كفروا وسوقهم إلى جهنم .. ذكر هنا حال المتقين، وسوقهم إلى الجنة، فقال: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ}؛ أي: ساقتهم الملائكة سوق إعزاز وتشريف وتكريم بلا تعب ولا نصب، بل بروح وطرب للإسراع إلى دار الكرامة، وذلك قبل الحساب، أو بعده يسيرًا أو شديدًا، وهو الموافق لما قبل الآية من قوله: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ} حال كونهم {زُمَرًا}؛ أي: جماعات متفاوتين حسب تفاوت مراتبهم في الفضل وعلو الطبقة، والمراد: المتقون عن الشرك، فهؤلاء عوام أهل الجنة، وفوق هؤلاء من قال الله تعالى فيهم: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ} وفوقهم من قال فيهم: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (٨٥)}.

والمعنى (٢): أي وسيق المتقون إلى الجنة جماعة إثر جماعة على النجائب، وفودًا إلى الجنة، المقربون فالأبرار ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، كل طائفة منهم مع من يشاكلهم، الأنبياء مع الأنبياء، والصدّيقون مع أشكالهم، والشهداء مع أضرابهم، والعلماء مع أقرانهم.


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.