للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومنهمكون في أعمالهم التي هي كأنّها لعب أطفال، لعدم الفائدة التي تترتب عليها.

والخلاصة: أنّه تعالى خوفهم نزول العذاب بهم في أوقات الغفلات، إما وقت النوم، وإمّا وقت الضحى، إذ يكثر فيه تشاغل الناس باللذات. وفي «الخازن»: والمقصود من الآية أنّ الله سبحانه وتعالى خوفهم بنزول العذاب وهم في غاية الغفلة، وهو حال النوم في الليل، ووقت الضحى في النهار؛ لأنّه الوقت الذي يغلب على الإنسان التشاغل فيه بأمور الدنيا، وأمور الدنيا كلها لعب، ويحتمل أن يكون المراد خوضهم في كفرهم، وذلك لعب أيضا يضر ولا ينفع.

انتهى.

وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر (١): {أو أمن} بسكون الواو، وجعل أو عاطفة، ومعناها التنويع، لا أن معناها الإباحة أو التخيير، خلافا لمن ذهب إلى ذلك، وحذف ورش همزة: {أَمِنَ} ونقل حركتها إلى الواو الساكنة، والباقون بهمزة، فالاستفهام بعدها واو العطف، وتكرر لفظ {أَهْلُ الْقُرى} لما في ذلك من التسميع والإبلاغ والتهديد والوعيد بالسامع، ما لا يكون في الضمير لو قال: أو أمنوا؛ فإنه متى قصد التفخيم والتعظيم والتهويل جيء بالاسم الظاهر.

٩٩ - والاستفهام في قوله: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ} للتقريع (٢) والتوبيخ وإنكار ما هم عليه من أمان ما لا يؤمن من مكر الله بهم وعقوبته لهم في هذين الوقتين، وفي تكرير هذا الاستفهام زيادة تقرير لإنكار ما أنكره عليهم، وجاء العطف بالفاء وإسناد الفعل إلى الضمير؛ لأن الجملة المعطوفة تكرير لقوله: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى} أو {أَمِنَ} وتأكيد لمضمون ذلك، فناسب إعادة الجملة مصحوبة بالفاء.

وقال أبو السعود: تكرير المكرر لزيادة التوبيخ والتقريع، والمراد بـ {مَكْرَ اللَّهِ} هنا إتيان بأسه في الوقتين المذكورين؛ ولذلك عطف الأول والثالث بالفاء؛ فإنّ الإنكار فيهما متوجه إلى ترتب الأمن على الأخذ المذكور، وأما الثاني فمن تتمته


(١) البحر المحيط.
(٢) الشوكاني.