عاصم:{بيأس} على وزن فيعل كضيغم، وقرأ ابن عباس وأبو رزين وأيوب:{بيآس} على وزن فيعال، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي ومعاذ القارىء:{بئس} بفتح الباء وكسر الهمزة، من غير ياء على وزن تعس، وقرأ الضحاك وعكرمة:{بيس} بتشديد الياء، مثل قيم، وقرأ أبو العالية وأبو مجلز:{بئس} بفتح الباء والسين وبهمزة مكسورة، من غير باء ولا ألف، على وزن فعل، وقرأ أبو المتوكل وأبو رجاء {بائس} بألف ومدّة بعد الباء، وبهمزة مكسورة بوزن فاعل.
١٦٦ - {فَلَمَّا عَتَوْا} وأبوا أن ينكفوا ويقلعوا {عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ} من الاصطياد؛ أي: فلما تمرّدوا وتكبروا، وأبو أن يتركوا ما نهاهم عنه الواعظون {قُلْنا لَهُمْ}؛ أي: لأولئك العادين باصطياد السمك {كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ}؛ أي: صاغرين أذلاء بعداء عن الناس؛ أي: تعلقت إرادتنا بأن يكونوا كذلك، فكانوها صورة ومعنى.
وهذا الجزاء تفصيل للعذاب البئيس الذي ذكر في الآية السالفة، وقيل: إنّه عذاب آخر، فقد عاقبهم أوّلا بالبؤس والشقاء في المعيشة، إذ من الناس من لا يربيه ولا يهذبه إلا الشدة والبؤس، ولما لم يزدهم البؤس إلا عتوا وإصرارا على الفسق والظلم .. مسخهم مسخ خلق وجسم، فكانوا قردة على الحقيقة، وهذا ما يراه جمهرة العلماء، أو مسخ خلق ونفس، فكانوا كالقردة في الطيش والشر والإفساد لما تصل إليه أيديهم، وهذا رأي مجاهد قال: مسخت قلوبهم فلم يوفقوا لفهم الحق.
وفي الآية إيماء إلى أنّ هذا المسخ كان لمخالفتهم الأوامر وتماديهم في العصيان، ولم يكن لاصطياد الحيتان فحسب.
١٦٧ - {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ}؛ أي: واذكر يا محمد قصة إذ أعلم ربك أسلاف اليهود على ألسنة أنبيائهم، إن لم يؤمنوا بأنبيائهم وعزني وجلالي {لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ}؛ أي: ليسلطن عليهم {إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ}؛ أي: من يذيقهم {سُوءَ الْعَذابِ}؛ أي: أشد العذاب؛ أي: من يقاتلهم إلى أن يسلموا أو يعطوا الجزية، وهو محمد صلى الله عليه وسلّم وأمته، والظرف في قوله:{وَإِذْ تَأَذَّنَ} منصوب على المفعولية بمقدر معطوف على {وَسْئَلْهُمْ} والتقدير: واذكر يا محمد لليهود وقت أن تأذن ربك؛