تحيدوا عن هدايته فيما نهاكم عنه من الاستغفار لأولي القربى، الذين هم أهل الولاية والنصرة من ذوي الأرحام، ولا في غير ذلك من أوامره ونواهيه.
والحاصل: أنه تعالى لما أمر بالبراءة من الكفار، بين أن له ملك السموات والأرض، فإذا كان هو ناصرًا لكم .. فهم لا يقدرون على إضراركم؛ أي: أنكم إن صرتم محرومين عن معاونتهم .. فالإله الذي هو المالك للسموات والأرض، والمحيي والمميت ناصركم، فلا يضركم أن ينقطعوا عنكم، والواجب عليكم أن تنقادوا لحكم الله تعالى وتكليفه، لكونه إلهكم، ولكونكم عبيدًا له.
١١٧ - {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ}، صلى الله عليه وسلم -؛ أي: وعزتي وجلالي، لقد عفا الله سبحانه وتعالى عن النبي، محمَّد، - صلى الله عليه وسلم -، فيما وقع منه من إذنه للمنافقين في التخلف عنه في غزوة تبوك، وهو شيء صدر منه من باب ترك الأولى والأفضل، لا أنه ذنب يوجب عقابًا؛ لأنه معصوم، أو فيما وقع منه من الاستغفار للمشركين، ويحتمل أن يكون ذكر النبي، بالتوبة عليه تشريفًا للمهاجرين والأنصار؛ حيث ضم توبتهم إلى توبة النبي، - صلى الله عليه وسلم -، كما ضم اسم الرسول إلى اسم الله في قوله:{فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} فهو تشريف له، - صلى الله عليه وسلم -، {و} كذلك تاب الله سبحانه وتعالى على {المهاجرين والأنصار}؛ أي: عفا (١) عنهم عما وقع منهم، من الوساوس، والخطرات النفسانية التي وقعت في قلوبهم، من الميل إلى القعود عن غزوة تبوك؛ لأنها كانت في وقت حر شديد، وربما وقع في قلوب بعضهم أنا لا نقدر على قتال الروم، وكيف لنا بالخلاص منهم فتاب الله عليهم، وعفا عنهم ما وقع في قلوبهم من هذه الخطرات. وقيل: إن الإنسان لا يخلو من زلات وتبعات في مدة عمره، إما من باب الصغائر، وإما من باب ترك الأفضل، ثم إن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، والمؤمنين لما تحملوا مشاق هذا السفر، ومتاعبه، وصبروا على تلك الشدائد التي حصلت لهم في هذا السفر، غفر الله لهم، وتاب عليهم، لأجل ما تحملوه من الشدائد العظيمة في تلك الغزوة مع النبي، - صلى الله عليه وسلم - وإنما ضم ذكر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، إلى ذكرهم؛ تنبيهًا على عظم مراتبهم في الدين، وأنهم قد بلغوا إلى الرتبة التي