للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تشغلها شغلتك.

١٨٦ - ولما سلى الله سبحانه وتعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين بما سبق آنفًا .. زاد في تسليتهم بهذه الآية فقال: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} وأبان لهم أنه كما لقي هو ومن معه من الكفار أذى يوم أحد، فسيلقون منهم أذى كثيرًا بقدر ما يستطيعون من الإيذاء في النفس أو في المال.

والمقصود من هذا الإخبار: أن يوطنوا أنفسَهم على الصبر، وترك الجزع حتى لا يشق عليهم النبلاء عند نزوله بهم. والمعنى: وعزتي، وجلالي لتمتحنن، ولتختبرن في أموالكم بذهابها بالمهلكات، والآفات، كالغرق، والحرف والبرد، وبالتكاليف كالزكاة، والإنفاق في الجهاد، وبذلِها في جميع وجوه البر، التي ترفع شأنَ الأمة الإِسلامية وتدفع عنها أعداءها، وترد عنها المكارهَ، وتدفع عنها غوائلَ الأمراض والأوبئة، ولتختبرَن في أنفسكم بما يصيبها من البلايَا كالأمراض، والأوجاع، والقتل، والضرب، ومن التكاليف كالصلاة وبذلها في الجهاد في سبيل الله، والصبر فيهما، وبموت من تحب من الأهل، والأصدقاء {وَلَتَسْمَعُنَّ}؛ أي: وعزتي وجلالي لتسمعن أيها المؤمنون {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ}؛ أي: من اليهود والنصارى {وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا}؛ أي: ومن مشركي العرب، والمراد بهم سائر الطوائف الكفرية من غير أهل الكتاب {أَذًى كَثِيرًا}؛ أي: أنواعًا كثيرةً من الإيذاء كالطعن في أعراضكم، والطعن في الدين الحنيف، والقدح في أحكام الشرع الشريف، وقد من أراد أن يؤمن وتخطئة من آمن، وما كان من كعب بن الأشرف، وأضرابه من هجاء المؤمنين، وتشبيب (١) نسائهم وتحريض المشركين على معاندة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحو ذلك مما لا خير فيه.

وفائدة الابتلاء (٢): تمييز الخبيث من الطيب وفائدة الإخبار كما مر آنفًا، أن


(١) تشبيب: هو ذكر أوصاف الجمال للنساء بالقصائد والمسجعات، وكان كعب بن الأشرف يفعل ذلك بنساء المؤمنين.
(٢) المراغي.