التوجيه الآتي في مبحث الإعراب، وهو من العلو الذي هو القهر والغلبة، لا العلو في المكان. اهـ "عمادي"، ومعنى علوه تعالى: أن يعلو عن أن يحيط به وصف الواصفين، ومعنى أعلويته: أن له الزيادة المطلقة في العلو، قال بعضهم: ليس علوه علو جهة، ولا كبره كبر جثة سبحانه عن ذلك، بل علو استحقاق لنعوت الجلال والكبرياء، فمن عرف علوه وكبرياءه .. تواضع وتذلل بين يديه. وعبارة "الخطيب" هنا: أي: نزه ربك عن كل ما لا يليق به في ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله وأحكامه، أما في ذاته .. فأن تعتقد أنها ليست من الجواهر والأعراض، وأما في صفاته .. فأن تعتقد أنها ليست محدثة، ولا متناهية ولا ناقصة، وأما في أفعاله .. فأن تعتقد أنه سبحانه لا اعتراض لأحد عليه في أمر من الأمور، وأما في أسمائه .. فأن لا تذكره سبحانه إلا بالأسماء التي لا توهم نقصًا بوجه من الوجوه، سواء ورد الإذن فيها، أم لم يرد، وأما في أحكامه سبحانه .. فأن تعلم أنه ما كلَّفنا لنفع يعود إليه، بل لمحض المالكية، وحكمته البالغة. انتهى.
والخلاصة: أي نزه اسم ربك عن كل ما لا يليق بجلاله في ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله وأحكامه، فلا تذكره إلا على وجه التعظيم له، ولا تطلق اسمه على غيره زاعمًا أنه يشاركه في صفاته.
٢ - ثم وصف ذلك الرب الأعلى بأوصاف، فقال:
١ - {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢)} صفة أخرى للرب على الوجه الأول الأظهر، ومنصوب على المدح على الثاني؛ لئلا يلزم الفصل بين الموصوف وصفته بصفة غيره، إذ يصير التركيب مثل قولك: جاءني غلام هند العاقل الحسنة، وهو ممتنع؛ أي: أنشأ وأوجد كل شيء، فسوى خلقه بأن جعل له ما به يتأتى كماله، ويتسنى معاشه.
والمعنى: أي الذي خلق الكائنات جميعًا، فسوى خلقها، وجعلها متسقة محكمة، ولم يأتِ بها متفاوتة غير ملتئمة دلالة على أنها صادرة عن عالم حكيم مدبر، أحسن تدبيرها فأحكم أسرها.
وعبارة الخازن: أي الذي خلق كل ذي روح، فسوى اليدين والرجلين والعينين، وقيل: خلق الإنسان مستويًا معتدل القامة. اهـ.