للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فقال: إنكما سبب البلاء، فلا أحْمِلُكما، فقالتا: إحملنا معك، فنحن نَضْمَنُ لك أن لا نَضُرَّ أحدًا ذَكَرَك، فَمَنْ قرأ حين يخاف مضرَّتُهما {سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ}، لم تضرَّاهُ، ذكره في "الخازن".

وقوله: {وَأَهْلَكَ} معطوف على زوجين على قراءة حفص، وعلى اثنين على قراءة غيره؛ أي: واحمل فيها أهلَ بيتك ذكرانًا وإناثًا {إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ}، والقضاءُ بأنهم من المغْرَقِين بسبب ظلمهم، كما قال: {وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ} والمرادُ (١) به: ابنه كَنعَان، وأمه واعلة أم كنعان، فإنهما كَانَا كافرين، فحَمَل في السفينة زوجتَه المؤمِنةَ وأولادَها الثلاثةَ مع نسائهم: سامًا، وحامًا، ويافثًا، فسامُ أبو العرب، وحام أبو السودان، ويافث أبو الترك، وإفرادُ الأهلِ منهم لمزيد العناية بهم، أو للاستثناء منهم، وقوله: {وَمَنْ آمَنَ} معطوف على زوجين، أو على اثنين على اختلاف القراءة؛ أي: واحمِل معك مَنْ آمن، وصَدَّقَكَ واتبعك من غير أهلك.

{وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ} من قومه، قيل: إنهم كانوا ثمانية: نوحًا عليه السلام، وأبناءه الثلاثة، وأزواجهم. وعن ابن عباس (٢) قال: كان في سفينة نوح ثمانون إنسانًا، نصفهم رجال، ونصفُهم نساءٌ. وقال مقاتل: في ناحية الموصل قريةٌ يقال لها: قرية الثمانين، سميت بذلك؛ لأنَّ هؤلاء لَما خرجوا من السفينةِ بَنَوْها فسُمِّيَتْ بهذا الاسم.

ولكن لم يبين (٣) الله سبحانه وتعالى لَنَا ورَسولُه - صلى الله عليه وسلم - عَدَدَهم فحصره في عدد معين من قبيل الحدس والتخمين، كما لَمْ يبيَّنِ لنا أنواعَ الحيوان التي حملها، ولا كيف حَمَلها، وأدْخلها السفينة، وقد فصل ذلك في سفر التكوين من التوراة.

٤١ - وقوله: {وَقَالَ} معطوف على محذوف تقديره، فحَمَلهم نوحٌ، وقال: {ارْكَبُوا فِيهَا}؛ أي: في جوف السفينة، والخطابُ فيه للإنس، وأما غيرهم من


(١) المراح.
(٢) المراح.
(٣) المراغي.