للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأكبر ومن عذاب القبر، ويحلَّى حلّة الإيمان".

وفي "صحيح مسلم" عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما وعن أبي قتادة رضي الله عنه: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يُغفر للشهيد كل شيء إلا الدَّين".

وقرأ الجمهور (١): {قُتِلُوا} بألف مبنيًا للفاعل، وقرأ أبو عمرو وحفص، وقتادة والأعرج والأعمش: {قتلوا} مبنيًا للمفعول، والتاء خفيفة، وقرأ زيد بن ثابت والحسن وأبو رجاء وعيسى بن عمر: {قُتِّلوا} بالتشديد مبنيًا للمفعول، وقرأ أبو حيوة والجحدري: {قَتَلوا} على البناء للفاعل مع التخفيف. والمعنى على القراءة الأولى والرابعة: أنَّ المجاهدين في سبيل الله ثوابهم غير ضائع، وعلى القراءة الثانية والثالثة: أنَّ المقتولين في سبيل الله كذلك لا يضيِّع الله سبحانه أجرهم، وقرأ عليّ: {فلن يضل} مبنيًا للمفعول، {أعمالهم} بالرفع، وقرىء: {يَضِلّ} بفتح الياء من ضلَّ. {أعمالهم} بالرفع.

٥ - ثمّ فسّر ما سلف بقوله: {سَيَهْدِيهِمْ} في الدنيا إلى أرشد الأمور إن لم يقتلوا، وفي الآخرة إلى طريق الجنة من غير وقفة من قبورهم إلى موضع حبورهم، والظاهر: أنّ السين للتأكيد، والمعنى: يهديهم الله ألبتة إلى مقاصدهم الأخروية، وقال الحسن بن زياد: يهديهم إلى محاجة منكر ونكير {وَيُصْلِحُ} الله سبحانه {بَالَهُمْ}؛ أي: حالهم، وشأنهم في الدنيا بالعصمة والتوفيق،

٦ - وفي الآخرة بأن يقبل الله أعمالهم، ويرضي خصمائهم؛ لكرامتهم على الله بالجهاد والشهادة {وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ} وجملة قوله: {عَرَّفَهَا لَهُمْ} مستأنفة (٢) أو حالية؛ أي: عرّف الجنة، وبيَّنها لهم في الدنيا بذكر أوصافها، بحيث اشتاقوا إليها، أو بيَّنها لهم في الآخرة، بحيث يعلم كل أحد منزله ويهتدي إليه، كأنه كان ساكنه منذ خلق. وفي الحديث: "لأحدكم بمنزله في الجنة أعرف منه بمنزله في الدنيا". وقيل: إذا دخلوها .. يقال لهم: تفرَّقوا إلى منازلكم، فهم أعرف بمنازلهم في الجنة من أهل الجمعة إذا انصرفوا إلى منازلهم، وفي "المفردات": عرَّفه جعل له عَرْفًا؛ أي:


(١) البحر المحيط والشوكاني.
(٢) روح البيان.