للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فاسق، فهذا فيه خطر؛ لأنه ربما يسلم، أو يتوب فيموت مقربًا عند الله تعالى، فكيف يحكم بكونه ملعونًا.

ومنها: شهادة الاْعضاء، وذلك بإنطاق الله تعالى، فكما تشهد على المذنبين بذنوبهم تشهد للمطيعين بطاعتهم، فاللسان يشهد على الإقرار وقراءة القرآن، واليد تشهد بأخذ المصحف، والرجل تشهد بالمشي إلى المسجد، والعين تشهد بالبكاء، والأذن تشهد باستماع كلام الله تعالى. وقيل (١): شهادة الأعضاء في القيامة مؤجلة، وشهادتها في المحبة اليوم معجلة من صفرة الوجه وتغير اللون ونحافة الجسم وانسكاب الدموع وخفقان القلب وغير ذلك.

٢٦ - ثم ختم سبحانه الآيات الواردة في أهل الإفك بكلمة جامعة، فقال: {الْخَبِيثَاتُ} من النساء {لِلْخَبِيثِينَ} من الرجال لا يتجاوزونهم {وَالْخَبِيثُونَ} من الرجال {لِلْخَبِيثَاتِ} من النساء؛ لأن المجانسة من دواعي الألفة ودوام العشرة {وَالطَّيِّبَاتُ} من النساء {لِلطَّيِّبِينَ} من الرجال، لما قد عرفت من الإنس بمن يحاكيك في الصفات، ويجانسك في الفضل والكمال. {وَالطَّيِّبُونَ} منهم أيضًا {لِلطَّيِّبَاتِ} منهن، لا تجاوزوهن إلى من عداهن. وإذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أطيب الأطيبين، وخيرة الأولين والآخرين .. استبان أن الصديقة - رضي الله عنها - من أطيب الطيبات، واستبان بطلان ما أشاعه المرجفون من أهل الإفك.

قال مجاهد وسعيد بن جبير وعطاء وأكثر المفسرين (٢): المعنى: الكلمات الخبيثات من القول للخبيثين من الرجال، والخبيثون من الرجال للخبيثات من الكلمات، والكلمات الطيبات من القول للطيبين من الناس، والطيبون من الناس للطيبات من الكلمات. قال النحاس: وهذا أحسن ما قيل. قال الزجاج: ومعناه: لا يتكلم بالخبيثات إلا الخبيث من الرجال والنساء. ولا يتكلم بالطيبات إلا الطيب من الرجال والنساء. وهذا ذم للذين قذفوا عائشة بالخبيث، ومدح للذين برؤوها.


(١) روح البيان.
(٢) الشوكاني.