للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إلى المفعول {وَهُوَ} سبحانه وتعالى {الْعَلِيُّ}؛ أي: الرفيع فوق خلقه، الذي ليس فوقه شيءٌ فيما يجب له أن يوصف به، من صفات الجلال والكمال، فهو العليُّ بالإطلاق، المتعالي عن الأشباه والأنداد والأضداد {الْعَظِيمُ}؛ أي: ذو العظمة والكبرياء، الذي لا شيء أعظم منه، أو الذي يستحقر كلَّ ما سواه بالنسبة إليه، فهو تعالى أعلى وأعظم من كلِّ شيء.

ومن فضائلها أيضًا: أنه رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما قُرِئتْ هذه الآيةُ في دارٍ .. إلا هَجرتها الشياطينُ ثلاثين يومًا، ولا يدخُلُها ساحرٌ ولا ساحرة أربعينَ ليلةً".

وعن عليٍّ رضي الله عنه أنه قال: سمعتُ نبيَّكم على أعواد المنبر وهو يقول: "مَنْ قرأ آية الكرسي في دُبُر كلِّ صلاةٍ مكتوبةٍ .. لم يمنعْهُ من دخول الجنة إلا الموت"؛ أي: فإذا مات دخل الجنة، ولا يواظب عليها إلا صِدِّيقٌ أو عابدٌ، ومَنْ قرأها إذا أخذ مَضجِعه .. أُمِنَهُ على نفسه، وجاره، وجار جاره، والأبيات

٢٥٦ - التي حوله. {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}؛ أي: لا إجبار على الدخول في دين الإِسلام؛ إذ الإكراهُ في الحقيقة: إِلْزَامُ الغيرِ فِعْلًا لا يَرى فيه خيرًا يَحْمِلُه عليه {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}؛ أي؛ قد تَميَّز الحق من الباطل، والإيمان من الكفر، والهدى من الضلالة؛ بكثرة الدلائل، والبراهين الساطعة. وقُرىء بسكون الشين، وبضمها، وبفتح الراء والشين، وكله عدا قراءة الجمهور شاذ، وقُرىء كذلك وبألف بعد الشين، وقُرىء بإدغام دال {قَد} في تاء {تَبَيَّنَ} لجميع القراء في المتواتر، وقُرىء بإظهارها شاذًا.

وقال الشوكاني (١): وقد اختلف أهل العلم في هذه الآية على أقوالٍ:

الأول: أنها منسوخةٌ؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أكره العرب على دين الإِسلام، وقاتلهم، ولم يرضَ منهم إلا الإِسلام، والناسخُ لها: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ}، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا


(١) فتح القدير.