للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فعلى هذا التقدير لم يتألم قلبه بسبب هذا الكلام، بل قد رضي به، فلا يكون ذنبًا.

الثاني: أن يكون المعنى: إنكم لسارقون ليوسف من أبيه إلا أنهم ما أظهروا هذا الكلام، فهو من المعاريض، وإنَّ في المعاريض مندوحةً عن الكذب.

الثالث: يحتمل أن يكون المنادي ربما قال ذلك على سبيل الاستفهام، وعلى هذا التقدير لا يكون كذبًا.

والرابع: ليس في القرآن ما يدل على أنهم قالوا ذلك بأمر يوسف، وهو الأقرب إلى ظاهر الحال؛ لأنهم لمَّا طلبوا السقاية، فلم يجدوها، ولم يكن هناك أحد غيرهم .. غلب على ظنهم أنهم هم الذين أخذوها، فقالوا ذلك بناء على غلبة ظنهم. اهـ. "خازن".

٧١ - {قَالُوا}؛ أي: قال أخوة يوسف للمؤذن ومن معه {و} قد وقفوا و {أقبلوا عليهم}؛ أي: والحال أنهم قد التفتوا إلى جماعة الملك المؤذن وأصحابه {مَاذَا} تعدمون، وأي شيء {تَفْقِدُونَ}؛ أي: تطلبون، وما الذي ضاع منكم. والفقد: غيبة الشيء عن الحس بحيث لا يعرف مكانه، تقول: فقدت الشيء إذا عدمته بأن ضل عنك لا بفعلك. وقرأ السلمي شذوذًا (١): {تَفْقِدُونَ} - بضم التاء - من أفقدته إذا وجدته فقيدًا، نحو أحمدته إذا وجدته محمودًا، وضَعَّف هذه القراءة أبو حاتم. قال أهل الأخبار (٢): لما وصل الرسل إلى إخوة يوسف قالوا لهم: ألم نكرمكم ونحسن ضيافتكم، ونوف إليكم الكيل ونفعل بكم ما لم نفعل بغيركم؟؛ قالوا: بلى، وما ذاك؟ قالوا: فقدنا سقاية الملك ولا نتهم عليها غيركم، فذلك قوله تعالى: {قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ}؛ أي: عطفوا على المؤذن وأصحابه، وقالوا ما الذي تفقدون، والفقدان: ضد الوجود.

٧٢ - {قَالُوا}؛ أي: قال المؤذن وأصحابه في جوابهم {نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ}؛


(١) البحر المحيط.
(٢) الخازن.