للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: نطلب إناء الملك الذي كان يشرب فيه ويكيل به، وإنما اتخذ هذا الإناء مكيالًا لعزة ما يكال به في ذلك الوقت؛ أي: نفقد الصواع الذي عليه شارة الملك، وقرأ الجمهور (١): {صُوَاعَ} بزنة غراب بضم الصاد بعدها واو مفتوحة بعدها ألف بعدها عين مهملة. وقرأ أبو حيوة والحسن وابن جبير فيما نقل ابن عطية كذلك إلا أنه كسر الصاد.

وقرأ أبو هريرة ومجاهد: {صاع} - بغير واو - وعلى وزن ناب، فالألف فيها بدل من الواو المفتوحة. وقرأ أبو رجاء: {صوع} على وزن قوس. وقرأ عبد الله بن عون بن أبي أرطبان: {صرع} - بضم الصاد - وقرأ أبيّ: {صياع}. وكلها لغات في الصاع. وقرأ الحسن وابن جبير فيما نقل عنهما صاحب "اللوامح" {صواغ} - بالغين المعجمة - على وزن غراب. وقرأ يحيى بن يعمر كذلك إلا أنه يحذف الألف، ويسكن الواو. وقرأ زيد بن علي: {صوغ} مصدر صاغ، وصواغ وصوغ مشتقان من الصوغ مصدر صاغ يصوغ أقيما مقام المفعول بمعنى مصوغ الملك. فهذه ثمان قراءات في هذا الحرف كلها لغات، والمتواتر منها واحدة وهي قراءة الجمهور، وهذا اللفظ يذكر ويؤنث، ويجمع الصواع على صيعان كغراب وغربان، والصاع على أصوع.

قال المؤذن: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ}؛ أي: بالإناء من عند نفسه مظهرًا له قبل التفتيش {حِمْلُ بَعِيرٍ}؛ أي: حمولة جمل من الطعام أجرة له وجعلًا. {وَأَنَا بِهِ}؛ أي: بذلك الحمل {زَعِيمٌ}؛ أي: كفيل ضامن أؤديه إليه؛ لأن الإناء كان من الذهب، وقد اتهمني الملك. وفي "البحر": {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ}؛ أي: ولمن دل على سارقه وفضحه {حِمْلُ بَعِيرٍ}؛ أي: وسق بعير من طعام جعلًا لمن حصله. وفي قوله: {حِمْلُ بَعِيرٍ} دليل على أن عيرهم كانت الإبل لا الحمير (٢).

وهذه الآية (٣): تدل على أن الكفالة كانت صحيحة في شرعهم، وقد حكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بها في قوله: " .. الحميل غارم" والحميل: الكفيل.


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.
(٣) الخازن.