وقوعها، واستظهار في أمر الدعوة، وحقيقته: أن موسى عليه السلام أظهر التلوين من نفسه ليجد التمكين من ربه وقد أمنه الله،
١٥ - وأزال عنه كل كلفة حيث {قَالَ} تعالى {كَلَّا}؛ أي: ارتع عما تظن يا موسى، فإنهم لا يقدرون على قتلك به؛ لأني لا أسلطهم عليك، بل أسلطك عليهم {فَاذْهَبَا}؛ أي: اذهبب أنت والذي طلبت وهو هارون، فالخطاب إليهما على تغليب الحاضر، وفي ضمن هذا الجواب دليل على إجابة موسى إلى ما طلبه من ضم أخيه إليه؛ أي: إذهبا ولا تخافا من القبط حال كونكما متلبسين {بِآيَاتِنَا} التسع التي هي دلائل القدرة، وحجة النبوة، وهو رمز إلى دفع ما يخافه {إِنَّا مَعَكُمْ} تعليل للردع عن الخوف، ومزيد تسلية لهما بضمان كمال الحفظ والنصرة، وأجراهما مجرى الجمع حيث قال:{مَعَكُمْ}؛ لكون الاثنين أقل الجمع على ما ذهب إليه بعض الأئمة، أو لكونه أراد موسى وهارون وفرعون وقومه، فمع موسى وهارون بالنصر والعون، ومع فرعون بالقهر والكسر، أو لكون المراد هما مع بني إسرائيل. و {مَعَكُمْ} خبر أول لـ {إن}{مُسْتَمِعُونَ}؛ خبر ثان لها، أو هو الخبر وحده، و {مَعَكُمْ} ظرف لغو متعلق به، وحقيقة الاستماع طلب السمع بالإصغاء، وهو تعالى منزه عن ذلك، فاستعير للمسمع الذي هو مطلق إدراك الحروف والأصوات من غير إصغاء.
والمعنى: سامعون لما يجري بينكما وبينه، فأظهركما عليه. مثَّل حاله سبحانه بحال ذي شوكة قد حضر مجادلة قوم يسمع ما يجري بينهم؛ ليمدّ الأولياء منهم، ويظهرهم على الأعداء مبالغة في الوعد بالإعانة، وجعل الكلام استعارة تمثيلية؛ لكون وجه الشبه هيئة منتزعة من عدة أمور، كما سيأتي في مبحث البلاغة.
١٦ - {فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ}؛ أي: فائت أنت وأخوك هارون فرعون اللعين؛ وهو (١) الوليد بن مصعب، وكنيته أبو العباس. وقيل: اسمه مغيث، وكنيته أبو مرّة. قيل: إنه عاش أربع مئة وستين سنة. وقيل فوق ذلك {فَقُولَا لَهُ}؛ أي: لفرعون {إِنَّا}؛ أي: إنّ كل واحد منا {رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} إليك وإلى قومك. وإفراد الرسول لاتحادهما بسبب الأخوة واتفاقهما على شريعة واحدة، أو لأن المعنى: