للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أخرج (١) ابن أبي شيبة، وابن المنذر: وغيرهما عن الشعبي، أن المسلمين بلغهم يوم بدر أن كرز بن جابر المحاربي يريد أن يمد المشركين، فشق ذلك عليهم، فأنزل الله {أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ} إلى قوله: {مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} فبلغته هزيمة المشركين، فلم يمد أصحابه، ولم يمدوا بالخمسة آلاف.

وقرأ (٢) الحسن {بِثَلَاثَةِءَالَافٍ} يقف على الهاء، وكذلك {بِخَمْسَةِءَالَافٍ} قال ابن عطية: ووجه هذه القراءة ضعيفٌ؛ لأن المضاف والمضاف إليه يقتضيان الاتصال؛ إذ هما كالاسم الواحد. انتهى. والذي يناسب توجيه هذه القراءة الشاذة أنها من إجراء الوصل مجرى الوقف، أبدلها هاءً في الوصل كما أبدلوها هاءً في الوقف ..

وقرىء شاذا {بثلاثة آلافٍ} هو بتسكين التاء في الوصل إجراءً له مجرى الوقف.

وقرأ الجمهور {مُنْزَلِينَ} بالتخفيف مبنيًّا للمفعول، وابن عامر بالتشديد مبنيًّا للمفعول أيضًا، والهمزة، والتضعيف للتعدية فهما سيان.

وقرأ بن أبي عبلة {منزلين} بتشديد الزاي، وكسرها مبنيًّا للفاعل، وبعض القراء بتخفيفها، وكسرها مبنيًّا للفاعل أيضًا، والمعنى ينزلون النصر.

١٢٥ - {بَلَى} إيجابٌ لما بعد لن، أي: بلى يكفيكم الإمداد بهم. ثم وعدهم بالزيادة بشرط الصبر، والتقوى حثًّا لهم عليهما، وتقويةً لقلوبهم فقال: {إِنْ تَصْبِرُوا} مع نبيكم على لقاء العدو، ومناهضتهم، {وَتَتَّقُوا} معصية الله، ومخالفة نبيه - صلى الله عليه وسلم - {وَيَأْتُوكُمْ}؛ أي: ويجئكم المشركون {مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا}؛ أي: من ساعتهم هذه من جهة مكة {يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ}؛ أي: ينصركم ربكم على عدوكم في حال إتيانهم من غير تراخٍ، ولا تأخير {بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ} ليعجل نصركم، ويسهل فتحكم {مُسَوِّمِينَ} قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم بكسر الواو؛ أي: معلِّمين أنفسهم أو خيلهم بعلامات. ورجح ابن جرير هذه القراءة وقال كثير من


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.