للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرأ الجمهور (١): {سَأَلَهَا} بفتح السين والهمزة، وقرأ النخعي: بكسر السين من غير همز يعني: بالكسر والإمالة، وجعل الفعل من مادة: سين، وواو ولام، لا من مادة: سين وهمزة ولام، وهما لغتان ذكرهما سيبويه، ومن كلام العرب: هما يتساولان بالواو، وإمالة النخعي: سأل، مثل إمالة حمزة: خاف.

١٠٣ - {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ} هذا كلام مستأنف يتضمن الرد على أهل الجاهلية فيما ابتدعوه، و {من}: زائدة في المفعول؛ أي: ما بحر الله بحيرة، ولا شق أذنها {وَلَا} سيب الله {سَائِبَةٍ} ولا أعتقها لآلهتهم {وَلَا} وصل الله {وَصِيلَةٍ} ولا جعلها متروكة بلا ذبح {وَلَا} سيب الله {حَامٍ}، ولا حفظ ظهره من الركوب، ولا من الحمل عليه؛ أي: ما شرع الله ذلك لهم، ولا أمر به، وما جعله دينًا لهم.

فالبحيرة: هي الناقة التي يبحرون أذنها؛ أي: يشقونها شقًّا واسعًا، وكانوا يفعلون بها ذلك إذا نتجت خمسة أبطن، وكان الخامس أنثى، كما روي عن ابن عباس، وقيل: هي الناقة التي تنتج خمسة أبطن في آخرها ذكَر، فتشق أذنها ولا تذبح ولا تركب ولا تحلب، ولا تطرد عن ماء ولا مرعى، ولا يجز لها وبر، ولا يحمل على ظهرها، بل تترك لآلهتهم.

والسائبة: هي الناقة تسيب وتنذر لآلهتهم، وكان الرجل إذا شفي من مرض، أو قدم من سفر .. سيَّب ناقة أو بعيرًا بنذرها لآلهتهم، فترعى حيث شاءت، ولا يحمل عليها شيء، ولا يجز وبرها، ولا يحلب لبنها إلا لضيف، وتكون كالبحيرة في تحريم الانتفاع بها.

والوصيلة: الشاة التي تصل أخاها، فقد كانوا إذا ولدت الشاة ذكرًا .. كان لآلهتهم، وإذا ولدت أنثى .. كانت لهم، وإن ولدت ذكرًا وأنثى .. قالوا: وصلت أخاها، فلم يذبحوا الذكر لآلهتهم، فيترك مع أخته، فلا يذبحان حتى يموتا، فإذا ماتا .. اشترك في أكلهما الرجال والنساء.


(١) البحر المحيط.