للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التوحيد، وسائر ما أتت به الأنبياء، عاطفة على فاء التعقيب، واللام للتأكيد تجري مجرى القسم، والمثوى المنزل والمقام والمخصوص بالذم محذوف، وهو جهنم؛ أي: فوالله لبئس وقبح مثوى المتكبرين عن توحيد الله، وطاعة الرسل، والمخصوص بالذم جهنم؛ أي: فلبئس (١) المقيل والمقام دار الذل والهوان، لمن كان متكبرًا عن اتباع الرسل، والاهتداء بالآيات التي أنزلت عليهم، وما أفظعها من دار وصفها ربنا بقوله: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا}.

وذكرهم بعنوان (٢) التكبر للإشعار بعلته لثوابهم وإقامتهم فيها، والمراد المتكبر عن التوحيد، أو كل متكبر من المشركين والمسلمين.

فائدة: قال الشيخ علي السمرقندي في تفسيره المسمى بـ "بحر العلوم": التكبر ينقسم على ثلاثة أقسام: التكبر على الله تعالى، وهو أخبث أنواع الكبر وأقبحها، وما منشأه إلا الجهل المحض، ثم التكبر على الرسل من تعزز النفس، وترفعها عن الانقياد لبشر مثل سائر الناس، وهذا كالتكبر على الله تعالى في الوقاحة واستحقاق العذاب السرمديِّ، والثالث التكبر على العباد، وهو بأن يستعظم نفسه، ويستحقر غيره، فيأبى عن الانقياد لهم، ويدعوه إلى الترفع عليهم، فيزدريهم ويستصغرهم ويستنكف عن مساواتهم، وهو أيضًا قبيح، وصاحبه جاهل كبير يستأهل سخطًا عظيمًا لو لم يتب، وإن كان دون الأولين للدخول تحت عموم قوله: {مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ}، وأيضًا من تكبر على أحد من عباد الله فقد نازع الله في ردائه وفي صفةٍ من صفاته، قال أبو صالح حمدان بن أحمد القصار - رحمه الله تعالى -: من ظن أن نفسه خيرٌ من نفس فرعون فقد أظهر الكبر.

٣٠ - ثم أتبع أوصاف الأشقياء بأوصاف السعداء فقال: {وَقيِلَ} روي (٣) أن أحياء العرب كانوا يبعثون أيام موسم الحج من يأتيهم بخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا جاء الوافد كفه المقتسمون الذين اقتسموا طرق مكة، وأمروه بالانصراف، وقالوا: إن


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.
(٣) روح البيان.