للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمعنى (١): أي وثمر الجنتين قريب، يناله القاعد والقائم في وقت واحد، ومكان واحد. فإن العجائب كلها من خواص الجنة، فكانت أشجارها دائرة عليهم سائرة إليهم، وهم ساكنون على خلاف ما كان في جنات الدنيا. فإن الإنسان فيها متحرك، ومطلوبه ساكن. والولي قد تصير الدنيا له أنموذجًا من الجنة، فإنه يكون ساكنًا في بيته، ويأتيه الرزق متحركًا إليه، دائرًا حواليه.

٥٥ - {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٥٥)} من هذه الآلاء اللذيذة الباقية، أبقدرة الله تعالى على ثني الأغصان، وتقريب الثمار تنكران أم بغيرها؟.

٥٦ - ثم ذكر أوصاف النساء اللواتي يمتعون بهن، فقال: {فِيهِنَّ}؛ أي: في تلك الجنان المدلول عليها بقوله: {جَنَّتَانِ}. لما عرفت أنهما لكل خائفين من الثقلين، أو لكل خائف حسب تعدد عمله. وقد اعتبر الجمعية في قوله: {مُتَّكِئِينَ} إذ كل (٢) فرد فرد له جنتان. فصح أنها جنان كثيرة، وإن كانت الجنتان. أريد بهما حقيقة التثنية، وأن لكل جنس من الجن والإنس جنة واحدة، فالضمير يعود على ما اشتملت عليه الجنة من المجالس، والقصور، والمنازل، وقيل: على الفرش؛ أي: فيهن معدات للاستمتاع. وهو قول حسن، قريب المأخذ.

{قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} من (٣) إضافة اسم الفاعل إلى منصوبه تخفيفًا، ومتعلق القصر محذوف للعلم به، تقديره: على أزواجهن.

والمعنى: فيهن نساء يقصرن أبصارهن على أزواجهن، لا ينظرن إلى غيرهم، وتقول كل منهن لزوجها: وعزة ربي ما أرى في الجنة شيئًا أحسن منك، فالحمد لله الذي جعلك زوجي، وجعلني زوجك. وقصر الطرف أيضًا من الحياء والغنج، وقد يقال: المعنى: قاصرات طرف غيرهن عليهن؛ أي: إذا رآهن أحد لم يتجاوز طرفه إلى غيرهن لكمال حسنهن.

والمعنى (٤): أي في الجنان نساء مانعات أعينهن من النظر إلى غير بعلهن. وللجنة اعتبارات ثلاثة، فلا تصال أشجارها، وعدم الأراضي الغامرة كأنها جنة


(١) المراح.
(٢) البحر المحيط.
(٣) روح البيان.
(٤) المراح.