للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإن قلت (١): كلمة {إِلى} لانتهاء الغاية، فتقتضي انقضاء اللعنة، عنه، عند مجيء يوم الدين، مع أنها لا تنقطع؟.

قلت: معناه: أن اللعنة باقية عليه في الدنيا، فإذا كان يوم القيامة، زيد له على اللعنة من العذاب، بحيث تنسى اللعنة بذلك، فكأنها انقطعت عنده.

قال بعضهم: ولا يلزم (٢) من هذا التوقيت، انقطاع اللعنة عنه في الآخرة، إذ من كان ملعونًا مدة الدنيا، ولم يشم رائحة الرحمة في وقتها، كان ملعونًا أبديًا في الآخرة، ولم يجد أثر الرحمة فيها، لكونها ليست وقت الرحمة للكافر، وقد علم خلوده في النار بالنص، وكذا اللعنة، كما قال تعالى: {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} مع ما ينضم إليه من عذاب آخر، ينسى عنده اللعنة، والعياذ بالله تعالى.

٧٩ - وجملة قوله: {قَالَ} إبليس اللعين: {رَبِّ}؛ أي: يا ربي إلخ، مستأنفة كما تقدم فيما قبلها، والفاء في قوله: {فَأَنْظِرْنِي}: فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا جعلتني رجيمًا، مطرودًا عن رحمتك، وأردت بيان سؤلي منك .. فأقول لك: يا ربي أمهلني ولا تمتني {إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} من قبورهم للجزاء، وهو يوم القيامة، يعني: آدم وذريته؛ أي: إلى يوم يبعث آدم وذريته من القبور، للجزاء بعد فنائهم، وأراد بدعائه أن يجد فسحة لإغوائهم، ويأخذ منهم ثأره، وينجو من الموت بالكلية، إذ لا موت بعد يوم البعث، فلم يجب، ولم يوصل إلى مراده.

٨٠ - {قالَ} الله تعالى: {فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ}؛ أي: من جملة الذين أخرت آجالهم أزلًا، بحسب الحكمة كالملائكة ونحوهم. والفاء: فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا سألتني الإنظار، وأردت بيان ما أنظرته لك .. فأقول لك: إنك من الممهلين

٨١ - {إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (٨١)} عندي، لا عند غيري؛ أي: إلى اليوم (٣) الذي قدرته، وعينته لفناء


(١) الخازن.
(٢) روح البيان.
(٣) روح البيان.