للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}؛ لأنّهم لا عهود لهم؛ أي: بل أكثر اليهود لا يصدِّقون ربَّك أبدًا؛ لحَسَدِهم.

وقيل المعنى: بل أكثر اليهود لا يؤمنون بالتوراة، وليسوا من الدين في شيء، فلا يعتدُّون - نقض العهد والمواثيق ذنبًا، ولا يبالون، وهذا ردٌّ لما يتوهَّم من أنَّ الفريق النابذين هم الأقلُّون، أو أنّ من لم ينبذ جهارًا فهم مؤمنون به خفاءً. وهذا من (١) إخبار الغيب، إذ أنَّ أكثر اليهود ما آمنوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ولن يؤمنوا به، فمثل هذا الحكم لا يصدر إلّا ممَّن يعلم خفيَّات الأمور.

والخلاصة: أنَّ الله سبحانه وتعالى، بيَّن في هذه الآية حالين لأهل الكتاب.

أولاهما: أنّه لا يوثق بهم في شيء؛ لما عرف عن كثير منهم من نقض العهود في كل زمان.

ثانيتهما: أنّه لا يرجى إيمان أكثرهم؛ لأنّ الضلال قد استحوذ عليهم، وجعلهم في طغيانهم يعمهون.

١٠١ - {وَلَمَّا جَاءَهُمْ}؛ أي: ولمَّا أتى اليهود {رَسُولٌ} هو محمد - صلى الله عليه وسلم - {مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} متعلِّق بجاء {مُصَدِّقٌ}؛ أي: مُقرِّرٌ {لِمَا مَعَهُمْ}؛ أي: لما مع اليهود من التوراة من (٢) حيث إنّه - صلى الله عليه وسلم - قرَّر صحتها، أو حقَّق حقيقة نبوّة موسى عليه السلام بما أنزل الله تعالى عليه، أو من حيث إنه - صلى الله عليه وسلم - جاء على وفق ما نعت له فيها {نَبَذَ}؛ أي: طرح ورمى جواب {لَمَّا} {فَرِيقٌ}؛ أي: طائفةٌ {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا} وأعطوا {الْكِتَابَ}؛ أي: التوراة، وتمسَّكوا به أوَّلًا، يعني: علماء اليهود وأحبارهم {كِتَابَ اللَّهِ} الذي أوتوه وهو مفعول نبذ؛ أي: التوراة؛ أي، طرح


(١) النسفي.
(٢) المراغي.
(٣) كرخي.