تحتاجون إليهم، فلو تفكرتم في ذلك .. لآمنتم بالله تعالى وكفرتم بها
١٩٣ - {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ}؛ أي: وإن تدعوا أيها المشركون الأصنام {إِلَى الْهُدى}؛ أي: إلى أن يهدوكم إلى الحق والرشاد {لا يَتَّبِعُوكُمْ}؛ أي: لا يجيبوكم كما يجيبكم الله تعالى.
والمعنى: وإن تدعوا تلك الأصنام إلى أن يهدوكم إلى ما تحصلون به رغباتكم، أو إلى ما تنجون به من المكاره التي تحيق بكم .. لا يتبعوكم؛ أي: لا يوافقوكم ولا يجيبوا لكم، ولا ينفعوكم بجلب المصالح، أو دفع المضار، ويجوز أن يكون ضمير الفاعل في {تَدْعُوهُمْ} إلى {المؤمنين} والمنصوب إلى {الكفار}؛ أي: وإن تدعوا أيها المؤمنون هؤلاء الكفار إلى الهدى والإيمان .. لا يتبعوكم؛ أي: لا يوافقوكم إلى الإيمان والتوحيد، فهم مصرون على شركهم، راسخون فيه.
وقرأ الجمهور (١): {لا يَتَّبِعُوكُمْ} مشددا هنا وفي {وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ (٢٢٤)}. من اتبع الخماسي، ومعناه: لا يقتدوا بكم، وقرأ نافع فيهما: لا يتبعوكم مخففا من تبع الثلاثي، ومعناه: لا يتبعوا آثاركم، ثم أكد عدم نفعهم فقال:{سَواءٌ عَلَيْكُمْ} أيها المشركون {أَدَعَوْتُمُوهُمْ}؛ أي: أدعوتم تلك الأصنام واستغثتم بها {أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ} عن دعوتها، وساكتون عن الاستغاثة بها؛ أي:
دعاؤكم لهم عند الشدائد وعدمه سواء في عدم الإفادة، لا فرق بينهما؛ لأنهم لا ينفعون ولا يضرون، ولا يسمعون ولا يجيبون؛ فإنه لا يتغير حالكم في كلتا الحالتين إذ هم لا يفهمون دعاءكم، ولا يسمعون أصواتكم، ولا يعقلون ما يقال لهم، وفي «السمين»: وإنّما أتى بالجملة الثانية اسمية - ولم يقل أم صمتّم - لأنّ الفعل يشعر بالحدوث؛ ولأنّها رأس فاصلة اه.
والخلاصة: أنه لا ينبغي أن يعبد من كانت هذه صفته، وإنّما الرب المعبود هو النافع من يعبده، الضار من يعصيه، الناصر وليه، الخاذل عدوه، والهادي إلى الرشاد من أطاعه، السامع دعاء من دعاه.