٥٥ - ثم أتبع ما تقدم بالدليل على قدرته، على إنفاذ حكمه وإنجاز وعده. وكون الظالمين لا يعجزونه ولا يستطيعون منه مهربًا، فقال:{أَلَاَ}؛ أي: انتبهوا {إِنَّ لِلَّهِ} لا لغيره {ما في السموات والأرض}؛ أي: جميع ما في السموات والأرض ملكًا وخلقًا وعبيدًا؛ أي: إنه تعالى مالك السموات والأرض وكل من فيهما من العقلاء وغيرهم فليس للكافرين به شيء يملكونه، فيفتدون به أنفسهم من ذلك العذاب، بل الأشياء كلها لله، الذي إليه عقابهم جزاء ما كسبت أيديهم. وفي تصدير الجملة بحرف التنبيه، تنبيه للغافلين وإيقاظ للذاهلين.
والخلاصة: فليتذكر من نسي، وليتنبه من غفل، وليعلم من جهل، أن لله وحده جميع ما في العوالم العلوية والعوالم الأرضية، يتصرف فيها كيف يشاء، ولا يملك أحد من دونه شيئًا من التصرف والفداء في يوم البعث والجزاء.
ثم أكد ما سلف بقوله {أَلَاَ}؛ أي: انتبهوا {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ}؛ أي: إن جميع ما وعد الله به {حَقٌّ}؛ أي: ثابت لا بد أن يقع ووعده تعالى مطابق للواقع لا شك فيه {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ}؛ أي: أكثر الناس {لَا يَعلَمُونَ} إلا ظاهرًا من الحياة الدنيا، فهم غافلون عن حقيقة ذلك؛ أي: لا يعلمون ما فيه صلاحهم فيعملون به، وما فيه فسادهم فيجتنبونه؛ أي: إن كل ما وعد به على ألسنة رسله حق لا ريب فيه؛ لأنه وعد المالك القادر على كل شيء، ولا يعجزه شيء، ولكن أكثر الكفار منكري البعث والجزاء، لا يعلمون أمر الآخرة، لغفلتهم عنها، وقصور أنظارهم عن الوصول إلى ما يكون فيها.
٥٦ - ثم أقام الدليل على قدرته على ذلك فقال:{هُوَ} سبحانه وتعالى {يُحْيِي وَيُمِيتُ} في الدنيا {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} بعد الموت للجزاء، فترون ما وعد به؛ أي: إنه تعالى هو المحيي المميت، لا يتعذر عليه فعل ما أراد من الإحياء، والإماتة ثم إليه سبحانه وتعالى لا إلى غيره ترجعون؛ حين يحييكم بعد موتكم؛ ويحشركم إليه