للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٢ - أنه يبشر المؤمنين بالله ورسوله الذين يعملون صالح الأعمال، فيأتمرون بما أمر به، وينتهون عما نهاهم عنه، بالأجر العظيم يوم القيامة كفاء ما قدموا لأنفسهم من عمل صالح.

٣ - أنه ينذر الذين لا يصدقون بالميعاد، ولا يقرون بالثواب والعقاب في الدنيا، فلا يتحاشون ركوب المعاصي، بالعذاب الأليم الموجع جزاء ما دنسوا به أنفسهم من الكفر، واجتراح الآثام، ويدخل في هؤلاء أهل الكتاب، لأن بعضهم ينكر الثواب والعقاب الجسمانيين، وبعضهم يقول: لن تمسنا النار إلا أياما معدودات، وإطلاق البشارة على العقاب من قبيل التهكم كما في قوله: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ}.

١١ - وبعد أن بين حال الهادي، وهو الكتاب الكريم بيّن حال المهدي، وهو الإنسان فقال: {وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ}.

قال أبو حيان: مناسبة هذه الآية لما قبلها (١): أن بعض من لا يؤمن بالآخرة، كان يدعو على نفسه بتعجيل ما وعد به من الشر في الآخرة، كقول النضر بن الحارث {فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً ...} الآية، والمراد بالإنسان: الجنس لوقوع هذا الدعاء من بعض أفراده؛ أي ويدعو الله سبحانه الإنسان عند غضبه بالشر والضرر على نفسه، وأهله وماله وولده {دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ} في الإلحاح، أي دعاء مثل دعائه لهم بالخير، والرزق، والعافية، والرحمة ويستجاب له، فلو استجيب له إذا دعاه باللّعن كما يجاب له بالخير لهلك أو المعنى (٢): إن الإنسان قد يبالغ في الدعاء طلبا لشيء يعتقد أن خيره فيه مع أن ذلك الشيء يكون منبع ضرره، وهو يبالغ في طلبه لجهله بحال ذلك الشيء، وإنما يقدم على مثل هذا العمل لكونه مغترا بظاهر الأمور، غير متفحّص عن حقائقها وأسرارها.

روي: أن النضر بن الحارث قال: (اللهم انصر خير الحزبين، اللهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك ...) إلى آخره، فأجاب الله دعاءه، وضربت رقبته


(١) البحر المحيط.
(٢) المراح.