والمعنى: لثابت فيها، يعني: أن تطهير النفس عما لا ينبغي، وتكميل الروح بالمعارف، وتكميل الجوارح بالطاعة، والزجر عن الالتفات إلى الدنيا، والترغيب في الآخرة، وفي ثواب الله تعالى في دار كرامته، لا يجوز أن يختلف باختلاف الشرائع
١٩ - {صُحُفِ} جدِّك {إِبْرَاهِيمَ} الخليل عليه السلام. {و} صحف أخيك {مُوسَى} الكليم عليه السلام، بدل من الصحف الأولى.
والمعنى: أي إن ما أوحى به إلى نبيه - صلى الله عليه وسلم - من أمر ونهي، ووعد ووعيد، هو بعينه ما جاء في صحف إبراهيم وموسى، فدين الله واحد، وإنما تختلف صوره، وتتعدد مظاهره، فإذا كان المخاطبون قد آمنوا بابراهيم أو بموسى، فعليهم أن يؤمنوا بمحمد - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه لم يأتِ إلا بما جاء في صحفهم، وإنما هو مذكر أو محي لما مات من شرائعهم.
وقصارى ذلك: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما جاء إلا مذكرًا بما نسيته الأجيال من شرائع المرسلين، وداعيًا إلى وجهها الصحيح الذي أفسده كر الغداة، ومرُّ العشي، كما طمس معالمه اتباع الأهواء واقتفاء سنن الآباء والأجداد.
وقرأ الجمهور: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (١٨) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (١٩)} بضم الحاء في الموضعين. وقرأ الأعمش وهارون وعصمة كلاهما عن أبي عمرو: بسكونها فيهما. وفي كتاب "اللوامح": قرأ العقيلي عن أبي عمرو: {الصحف}، {صحف}: بإسكان الحاء فهما لغة تميم.
وقرأ الجمهور:{إِبْرَاهِيمَ} بألف وبياء، والهاء مكسورة، وقرأ أبو رجاء: بحذفهما، والهاء مفتوحة، أو مكسورة، وقرأ أبو موسى الأشعري وابن الزبير:{إبراهام} بألفين في كل القرآن، وقرأ مالك بن دينار:{إبراهم} بكسر الهاء، وبغير ياء في جميع القرآن، قال ابن خالويه: وقد جاء إبراهم، يعني: بألف وضم الهاء، وقد تقدم في سورة النجم الكلام على صحف إبراهيم وموسى عليهما الصلاة والسلام.