للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لله، قاله الفرَّاء، قال:

أسْتَغْفِرُ الله ذَنْبًا لَسْتُ مُحْصِيهِ ... رَبَّ العِبَادِ إلَيْه الوَجْهُ والعَمَلُ

١١٦ - {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} نزلت في اليهود، إذ قالوا: عزير ابن الله، أو في النصارى، إذ قالوا: المسيح ابن الله، أو في المشركين، إذ قالوا: الملائكة بنات الله، أو في النصارى والمشركين أقوالٌ أربعة، والأخير قاله الزجاج، ولاختلافهم في سبب النزول، اختلفوا في مرجع الضمير في {قالوا} على من يعود، فقيل: عائدٌ على الجميع من غير تخصيص، فإنَّ كلًّا منهم قد جعل لله ولدًا، قاله ابن إسحاق، فحينئذٍ ضمير {قالوا} راجع إلى الفرق الثلاثة المذكورة سابقًا، أمَّا اليهود والنصارى، فقد ذُكِروا صريحًا، وأمّا المشركون، فقد ذُكِروا بقوله تعالى: {كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ}.

وقرأ الجمهور (١). {وَقَالُوا} بواو العطف، وهو آكد في الربط، فيكون عطف جملة خبرية على جملة مثلها؛ أي: معطوفًا على قوله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ}، أو على منع، أو على مفهوم قوله: {وَمَنْ أَظْلَمُ}؛ أي: على معناه، وكأنّه قيل: لا أحد أظلم ممَّن منع مساجد الله، ولا ممَّن قال؛ اتخذ الله ولدًا، وإن كان الثاني أظلم من الأول. وقيل: هو معطوف على قوله: {وَسَعَى فِي خَرَابِهَا} فيكون معطوفًا على معطوف على الصلة، وفصل بينهما بالجمل الكثيرة، وهذا بعيدٌ جدًّا ينزَّه القرآن عن مثله. وقرأ ابن عباس، وابن عامر، وغيرهما: {قالوا} بغير واو، استئنافًا وملحوظًا فيه معنى العطف، واكتفى على هذا بالضمير، والربط به عن الربط بالواو. وقال الفارسيُّ: وبغير واوٍ هي في مصاحف أهل الشام، فالقراءتان سبعيتان، وأمَّا آية يونس، فبترك الواو لا غير؛ لعدم ما يناسب العطف؛ أي: وقالت اليهود، والنصارى، ومشركوا العرب {اتَّخَذَ اللَّهُ}؛ أي: صنع الله، وجعل لنفسه {وَلَدًا} ذكرًا أو أنثى، والاتخاذ (٢): إمّا بمعنى الصنع والعمل، فلا


(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.