يتعدَّى إلّا إلى واحد، وإمّا بمعنى: التصيير، والمفعول الأول محذوف؛ أي: صيَّر بعض مخلوقاته ولدًا، وادَّعى أنَّه ولده، لا أنّه ولده حقيقةً، وكما يستحيل عليه تعالى أن يلد حقيقةً، كذا يستحيل عليه التبني واتخاذ الولد؛ أي: قالت اليهود: عزير ابن الله، وقالت النصارى: المسيح ابن الله، وقال المشركون: الملائكة بنات الله، فنزَّه تعالى نفسه عمّا قالوا في حقه، فقال ردًّا عليهم {سُبْحَانَهُ}؛ أي: تنزيهًا له تعالى عمَّا يقول هؤلاء الكفرة، فهي كلمة تنزيه، نزَّه الله تعالى بها نفسه عن اتخاذ الولد، ومن قولهم، وافترائهم عليه؛ أي: منزَّهٌ (١) سبحانه عن السبب المقتضي للولد، وهو الاحتياج إلى من يعينه في حياته، ويقوم مقامه بعد مماته، وعمّا يقتضيه الولد وهو التشبيه، فإنّ الولد لا يكون إلّا من جنس والده، فكيف يكون للحقّ سبحانه ولدٌ وهو لا يشبهه شيءٌ؟
روى البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قال الله عَزَّ وَجَلَّ: (كذَّبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له، فأمَّا تكذيبه إيَّاي، فزعم أنِّي لا أقدر أن أعيده كما كان، وأمَّا شتمه إيَّاي، فقوله: لي ولدٌ، فسبحاني أن أتَّخذ صاحبةً أو ولدًا) ولا فارق بين أن يكون هذا القول قد صدر من جميع أفراد الأمَّة، أو من بعضها، فإنَّ أفرادها متكافلون في كلّ ما يعملون، وما يقولون ممَّا يعود أثره من خيرٍ أو شرٍّ إلى الجميع {بَل} ليس الأمر كما زعموا {لَهُ} سبحانه وتعالى عبيدًا وملكًا {مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}؛ أي: جميع ما فيهما، والملكية تنافي الولدية، فكيف ينسب إليه الولد، وهو داخل فيهما؟ بل هو خالق جميع الموجودات علويًّا وسفليًّا، التي من جملتها عزيرٌ، والمسيح، والملائكة، وهذا ردٌّ لما قالوه، واستدلالٌ على فساده، فإنَّ الإضراب عن قول المبطلين معناه: الردُّ، والإنكار، وفي "الوسيط"{بَلْ}؛ أي: ليس الأمر كما زعموا، والمعنى: إنه خالق ما في السموات والأرض جميعًا، الذي يدخل فيه الملائكة، وعزيرٌ، والمسيح، دخولًا أوّليًّا، فكان المستفاد من الدليل، امتناع أن يكون شيءٌ ما مما في السموات والأرض ولدًا، سواءً كان ذلك ما زعموا أنّه