للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والخلاصة: أنّ المؤمنين إذا مسهم طائف من الشيطان يحملهم على المعاصي .. تذكروا فأبصروا وحذروا وسلموا، وإن زلوا تابوا وأنابوا، وإنّ إخوان الشياطين تتمكن الشياطين من إغوائهم، فيمدونهم في غيهم، ولا يكفون عن ذلك، ومن ثم تراهم يستمرون في شرورهم وآثامهم لفقد الوازع النفسي.

وقرأ نافع (١): {يَمُدُّونَهُمْ} بضم الياء وكسر الميم، من أمد الرباعي، وباقي السبعة {يَمُدُّونَهُمْ} بفتح الياء وضم الميم، من مد الثلاثي، وقرأ الجحدري {يمادونهم} بألف بعد الميم من ماد على وزن فاعل، وقرأ الجمهور {لا يُقْصِرُونَ} بضم الياء من أقصر الرباعي، بمعنى كف، وقرأ ابن أبي عبلة وعيسى ابن عمر {ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ} بفتح الياء وضم الصاد من قصر الثلاثي؛ أي: ثمّ لا ينقصون من إمدادهم وغوايتهم.

٢٠٣ - {وَإِذا} تباطأ ظهور الخوارق على يديك يا محمد و {لَمْ تَأْتِهِمْ}؛ أي: لم تأت أهل مكة {بِآيَةٍ}؛ أي: بمعجزة باهرة مما اقترحوا وطلبوا منك {قالُوا}؛ أي: قال أهل مكة استهزاء وسخرية {لَوْلا اجْتَبَيْتَها}؛ أي: هلا اصطفيت تلك الآية واخترعتها وأنشأتها من عند نفسك، كما اخترعت واختلقت ما قبلها، وقال (٢) الكلبي: كان أهل مكة يسألون النبي صلى الله عليه وسلّم الآيات تعنتا، فإذا تأخرت اتهموه وقالوا: لولا اجتبيتها، يعني: هلا أحدثتها وأنشأتها من عند نفسك كما اختلقت ما قبلها.

قال الفراء: تقول العرب: اجتبيت الكلام واختلقته وارتجلته إذا افتعلته من قبل نفسك، وعبارة المراغي هنا: وإذا لم تأتهم أيها الرسول بآية قرآنية، بأن تراخى نزول الوحي زمنا ما .. قالوا: لولا افتعلت نظمها وتأليفها، واخترعتها من تلقاء نفسك، وقد يكون المعنى: وإذا لم تأتهم بآية مما اقترحوا عليك قالوا: هلا حباك الله بها بأن مكنك منها، فاجتبيتها وأبرزتها لنا إن كنت صادقا في أن الله يقبل دعاءك، ويجيب التماسك.


(١) البحر المحيط.
(٢) الخازن.