وخلاصة ما سلف: أن الخيبة والخسران في الآخرة لمن عملوا صالح الأعمال في الدنيا، كصلة الأرحام وإغاثة الملهوفين ونحو ذلك، وظنوا أنها تنجيهم من عذاب ربهم، وهم مع ذلك جاحدوا وحدانية الله، مكذبون لرسله، فما مثلهم إلا مثل من اشتد ظمؤه ورأى السراب فخاله ماء، وظن أنه قد وجد ضالته فسعى إليه حتى إذا جاءه لم يجد شيئًا، ورجع بخفي حنين.
هذه حالهم في الآخرة،
٤٠ - أما حالهم في الدنيا فكما قال تعالى:{أَوْ كَظُلُمَاتٍ} معطوف على كـ {سراب}، ولكنه على (١) حذف مضاف واحد، تقديره: أو كذي ظلمات، ودل على هذا المضاف قوله تعالى:{إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} فالضمير يعود إلى المضاف المحذوف، وهو قول أبي علي، أو على حذف مضافين، تقديره: أو كأعمال ذي ظلمات، فقدر ذي، ليصح عود الضمير إليه في قوله:{إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ}. وقدر أعمال، ليصح تشبيه أعمال الكفار، بأعمال صاحب الظلمات، إذ لا معنى لتشبيه العمل بصاحب الظلمات. وقيل: لا حاجة إلى حذف ألبتة.
والمعنى: أنه شبه أعمال الكفار في حيلولتها بين القلب، وما يهتدى به بالظلمة، وأما الضميران في {أَخْرَجَ يَدَهُ} فيعودان على محذوف دل عليه المعنى؛ أي: إذا أخرج يده من فيها اهـ. "سمين".
و {أَوْ} فيه إما للتقسيم؛ لأن أعمال الكفار تنقسم إلى قمسين، قسم: كالسراب، وهو العمل الصالح. وقسم: كالظلمات، وهو العمل السيء. اهـ. "شيخنا".
وفي "البيضاوي": أن {أَوْ} فيه، إما للإباحة، فإن أعمالهم لكونها لاغية، لا منفعة لها، كالسراب، ولكونها خالية عن نور الحق، كالظلمات المتراكمة، من لجج البحر والسحاب والأمواج. فكانه قال: إن شئت مثل بالسراب، وإن شئت مثل بهذه الظلمات. أو للتنويع فإن أعمالهم إن كانت حسنة فكالسراب، وإن