للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

معنى {مَهْجُورًا} مهجورًا فيه، ثم حذف الجار. وهجرهم فيه قولم: إنه باطل، إنه سحر وشعر وأساطير الأولين. وهذا حكاية لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا. وقيل: يقوله الرسول - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة. والمعنى حينئذ: ويقول الرسول يوم القيامة. فالماضي بمعنى المضارع. وفي ذكره - صلى الله عليه وسلم - بلفظ {الرَّسُولُ} تحقيق للحق ورد عليهم؛ إذ كان ما أوردوه قدحًا في رسالته - صلى الله عليه وسلم -. وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو {إن قومي اتخذوا} بتحريك الياء، وأسكنها عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي اهـ ابن الجوزي.

وفي هذه الآية (١): تلويح بأن حق المؤمن أن يكون كثير التعاهد للقرآن؛ أي: التحفظ والقراءة كل يوم وليلة كيلا يندرج تحت ظاهر النظم الكريم. وفي الحديث: "من تعلم القرآن وعلق مصحفًا لم يتعاهده ولم ينظر فيه. . جاء يوم القيامة متعلقًا به، يقول: يا رب عبدك هذا اتخذني مهجورًا اقض بيني وبينه". ومن أعظم الذنوب أن يتعلم الرجل آية من القرآن أو سورة ثم ينساها. والنسيان: أن لا يمكنه القراءة من المصحف كما في "القنية". وفي الحديث: "إن هذه القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد"، قيل: وما جلاؤها؟ قال: "تلاوة القرآن وذكر الله".

٣١ - ثم سلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - على ما يلاقيه من الشدائد والأهوال بأن له في سلفه من الأنبياء قبله أسوة بقوله: {وَكَذَلِكَ}؛ أي: كما جعلنا لك يا محمد أعداء من مجرمي قومك كأبي جهل وأضرابه {جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ} من الأنبياء المتقدمين {عَدُوًّا}؛ أي: أعداء، فإنه يحتمل الواحد والجمع {مِنَ الْمُجْرِمِينَ}؛ أي: من مجرمي قومهم كنمروذ لإبراهيم، وفرعون لموسى، واليهود لعيسى، فاصبر كما صبروا تظفر كما ظفروا.

والمعنى (٢): أي كما جعلنا لك أعداء من المشركين يتقولون عليك ما يتقولون من الترهات والأباطيل، ويفعلون من السخف ما يفعلون، جعلنا لكل نبي من الأنبياء الذين سلفوا وأوتوا من الشرائع ما فيه هدى للبشر أعداء لهم من


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.