للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لما ذكر الله سبحانه وتعالى في الآيات السابقة، تخصيص آدم بالخلافة في الأرض، وبعلم ما لم تعلمه الملائكة، ذكر هنا نوعا من التكريم أكرمه الله تعالى به، وهو أمر الملائكة بالسجود له، وهو أعلى وجوه التكريم والتشريف لهذا لنوع الإنساني.

قوله تعالى: {وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى، لما شرف آدم برتبة العلم بإسجاد الملائكة له، امتّن عليه بأن أسكنه الجنة التي هي دار النعيم وأباح له جميع ما فيها إلا الشجرة، على ما سيأتي فيها إن شاء الله تعالى. ذكره في «البحر».

التفسير وأوجه القراءة

٣٠ - {وَإِذْ} مفعول اذكر مقدرا؛ أي: واذكر يا محمد لأمتك وأخبرهم {إذ قالَ رَبُّكَ}؛ أي: قصة ذلك الوقت، وتوجيه (١) الأمر بالذكر إلى الوقت دون ما وقع فيه من الحوادث، مع أنها المقصودة بالذات؛ للمبالغة في إيجاب ذكرها؛ لما أن إيجاب ذكر الوقت، إيجاب لذكر ما وقع فيه بالطريق البرهاني؛ ولأن الوقت مشتمل عليها، فإذا استحضر كانت حاضرة بتفاصيلها، كأنّها مشاهدة عيانا، واللام في قوله: {لِلْمَلائِكَةِ} للتبليغ وتقديم الجار والمجرور في هذا الباب مطرد؛ لما في المقول من الطول غالبا مع ما فيه من الاهتمام بما قدم والتشويق إلى ما أخر، والملائكة (٢): جمع ملك بوزن فعل، قاله ابن كيسان، وقيل: جمع ملأك بوزن مفعل، قاله أبو عبيدة من لأك إذا أرسل، والألوكة: الرسالة، قال لبيد:

وغلام أرسلته أمّه ... بألوك فبذلنا ما سأل

وقال عديّ بن زيد:


(١) روح البيان.
(٢) الشوكاني.