للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

١١٠ - {إِنَّهُ} سبحانه وتعالى {يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ}؛ أي (١): يعلم ما تجاهرون به من الطعن في الإسلام، وتكذيب الآيات {وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ} وتخفونه من الحسد والعداوة للرسول - صلى الله عليه وسلم -، وللمسلمين، فيجازيكم عليه نقيرًا وقطميرًا. وتكرير العلم في معنى تكرير الوعد؛ أي: لا يغيب عن علمه شيء منكم، في علانيتكم وسركم. قال بعض الكبار: كيف يخفى على الحق من الخلق خافية، وهو الذي أودع الهياكل أوصافها، من الخير والشر، والنفع والضر، فما يكتمونه أظهر مما يبدونه، وما يبدونه مثل ما يكتمونه، جل الحق أن يخفى عليه خافية.

قال في "التأويلات النجمية": {يعلم ما تجهرون} من دعاوي الإسلام والإيمان والزهد والصلاح والمعارف {وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ} من الصدق والإخلاص والرياء والسمعة والنفاق

١١١ - {وَإِنْ أَدْرِي}؛ أي: وما أدري {لَعَلَّهُ}؛ أي: لعل تأخير العذاب الموعود عنكم {فِتْنَةٌ}؛ أي: اختبار {لَكُمْ} ليرى كيف صنيعكم، وهو أعلم بكلم {وَمَتَاعٌ} أي: تمتيع لكم {إِلَى حِينٍ} أي: إلى حين انقضاء آجالكم تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم البالغة، ليكون ذلك حجة عليكم، وليقع الجزاء في وقت هو فيه حكمة.

و {لعل} (٢) معلّقة هنا أيضًا، ولكن لا أعلم أحدًا ذهب إلى أن {لعل} من أدوات التعليق، وإن كان ظاهرًا فيها كقوله تعالى: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ} {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} والمعنى: أي (٣): وما أدري سبب تأخير جزائكم، ولعل ذلك زيادة في افتتانكم وامتحانكم لينظر كيف تعملون، وإنه ليؤخركم إلى حين كي تتمتعوا بلذات الدنيا، مع إعراضكم عن الإيمان، فيكون في ذلك زيادة عذابكم؛ لأن المعرض عن الإيمان مع توالي الآيات، وتتابع البينات والنذر يكون عقابه


(١) روح البيان.
(٢) البحر المحيط.
(٣) المراغي.