من كيد النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنهم كانوا مجاهرين بتكذيب الحق {وَنَجْوَاهُمْ}؛ أي: ما يتناجون ويتحدثون به فيما بينهم بطريق التناجي، والتشاور في شأن النبي - صلى الله عليه وسلم - {بَلَى} نحن نسمعهما، ونطلع عليهما {وَرُسُلُنَا} الذين يحفظون عليهم أعمالهم، ويلازمونهم أينما كانوا {لَدَيْهِمْ}؛ أي: عندهم {يَكْتُبُونَ}؛ أي: يكتبونهما، أو يكتبون كل ما صدر منهم من الأفعال والأقوال، التي من جملتها ما ذكر من سرهم ونجواهم، ثم تعرض عليهم يوم القيامة، فإذا كان خفاياهم غير خفية علي الملائكة، فكيف على عالم السر والنجوى، ولقد أجاد من قال:
والجملة (١) معطوفة على ما يترجم عنه بلى، وفي "التأويلات النجمية": خوفهم بسماعه أحوالهم، وكتابة الملك عليهم أعمالهم لغفلتهم عن الله تعالى، ولو كان لهم خبر عن الله لما خوفهم بغير الله، ومن علم أن أعماله تكتب عليه، ويطالب بمقتضاها، قل إلمامه بما يخاف أن يسأل عنه. قال يحيى بن معاذ: من ستر من الناس ذنوبه، وأبداها لمن لا تخفى عليه خافية، فقد جعله أهون الناظرين إليه، وهو من أمارات النفاق، ولما قدم في أول السورة تبكيتهم والتعجب منهم في ادعائهم لله ولدًا من الملائكة، وهددهم بقوله: ستكتب شهادتهم ويسألون ..
٨١ - أمر الله سبحانه رسوله - صلى الله عليه وسلم -، أن يقول للكفار قولًا يلزمهم به الحجة، ويقطع ما يوردونه من الشبهة، فقال:{قُلْ} يا محمد للكفرة {إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ} فرضًا، كما تقولون: الملائكة بنات الله {فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} لذلك الولد، وأسبقكم إلى تعظيمه والانقياد له، وذلك لأنه - صلى الله عليه وسلم - أعلم الناس بشؤونه تعالى، وبما يجوز عليه، وبما لا يجوز، وأولاهم بمراعاة حقوقه، ومن موجب تعظيم الوالد تعظيم ولده؛ أي: إن يثبت بحجة قطعية كون الولد للرحمن، كما تزعمون فأنا أولكم في التعظيم، وأسبقكم إلى الطاعة تعظيمًا لله تعالى، وانقيادًا لأن الداعي إلى طاعته وتعظيمه أول وأسبق في ذلك، وكون الولد له تعالى، مما هو مقطوع بعدم وقوعه، ولكن نزل منزلة ما لا جزم لوقوعه، واللاوقوعه على