للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عما هو متصلٌ به أشبه من أن يكون عما هو عنه منقطع انتهى.

٧٤ - ثم بين الله سبحانه، أن المشركين الذين عبدوا من دون الله آلهةً، عاجزةً، إلى هذه الغاية في العجز، ما عرفوا الله حق معرفته فقال: {مَا قَدَرُوا اللَّهَ}؛ أي: ما قدر المشركون الله، وما عظموه {حَقَّ قَدْرِهِ}؛ أي: حق عظمته، وما عرفوه حق معرفته وما وصفوه حق صفته، حيث أشركوا به ما لا يمتنع من الذباب، ولا ينتصر منه، وسموا باسمه ما هو أبعد الأشياء منه مناسبةً. {إِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {لَقَوِيٌّ} على خلق كل شيء. {عَزِيزٌ} غالب لا يغالبه أحد، بخلاف آلهة المشركين. فإنها جماد لا تعقل ولا تنفع ولا تضر، ولا تقدر على شيء.

وحاصل معنى الآيتين (١): يا أيها الناس، يعني: المؤمنين جعل المشركون لي أشباهًا وأندادًا، وهي الآلهة التي يعبدونها معي، فأنصتوا وتفهموا حال ما جعلوهم لي، في عبادتهم إياهم أشباهًا وأمثالًا، وحال هؤلاء الأشباه، أنه لو اجتمع جميع ما تعبدون من الأصنام والأوثان على أن يخلقوا ذبابة واحدة، على صغر حجمها، وحقارة شأنها .. ما قدروا، وما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا.

روي عن أبي هريرة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: قال الله عز وجل: "ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي!؟ فَلْيخَلْقُوا ذُرةً، فليخلقوا شعيرة!! ".

وإن يسلب الذباب الآلهة والأصنام شيئًا، مما عليها من طيب وما أشبهه، لا تستنقذ ذلك منه على ضعفه.

والخلاصة: أنهم عاجزون عن خلق ذباب واحد، بل أعجب من ذلك أنهم عاجزون عن مقاومته، والانتصار منه لو سلبهم شيئًا مما عليهم من طيب ونحوه.

وفي ذلك إشارة إلى أنهم قد بلغوا غاية الجهالة، وأشركوا بالله القادر على كل شي آلهتهم من الأصنام والأوثان، التي لا تقدر على خلق أحقر المخلوقات وأصغرها وهو الذباب، ولو اجتمعت له. ولا تستطيع أن تنتصر منه لو سلبها


(١) المراغي.