للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولا من خلفه، لا ما تدعون إليه من أهوائكم اتباعًا لما ألفيتم عليه آبائكم. {وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}؛ أي: وقيل لهم يا محمَّد: وأمرنا بأن نسلم ونخلص العبادة لله سبحانه وتعالى مالك العالمين، فأسلمنا لأنه هو الذي يستحق العبادة منا لا غيره،

٧٢ - والآمر هو الله سبحانه وتعالى {وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ}؛ أي: واتقوا رب العالمين؛ أي: وأمرنا بإقامة الصلاة وبتقوى الله؛ لأن فيهما ما يقرب إليه، والمعنى: وأمرنا بالإِسلام وبإقامة الصلاة وبالتقوى. وإقامة (١) الصلاة: الإتيان بها على الوجه الذي شرعت لأجله، وهي: أن تزكِّي النفس بمناجاة الله وذكره، وتنهى عن الفحشاء والمنكر، والتقوى: اتقاء ما يترتب عليه مخالفة دين الله وشرعه.

{وَهُوَ} سبحانه وتعالى الإله {الَّذِي إِلَيْهِ}؛ أي: إلى لقائه {تُحْشَرُونَ} وتجمعون؛ أي: وهو سبحانه وتعالى الذي تجمعون وتساقون إلى لقائه يوم القيامة دون غيره، فيحاسبكم على أعمالكم ويجازيكم عليها، فليس من العقل ولا من الحكمة أن يعبد أو يخاف أو يرجى غيره تعالى.

٧٣ - {وَهُوَ} سبحانه وتعالى الإله {الَّذِي خَلَقَ} وأوجد على غير مثال سابق {السَّمَاوَاتِ} السبع وما فيها {وَالْأَرْضَ} وما فيها خلقًا ملتبسًا {بِالْحَقِّ} والحكمة، وهو أنه على وفق سننه المطردة المشتملة على الحكم البالغة الدالة على وجوده تعالى ووحدانيته وقدرته البالغة، ولم يخلقهما باطلًا ولا عبثًا، فهو لا يترك الناس سدى، بل يجزي كل نفس بما كسبت، ونحو هذه الآية قوله تعالى في سورة آل عمران: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا}، وقوله: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (١٦)} {مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ}.

وقوله: {وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ} ظرف لقوله: {قَوْلُهُ الْحَقُّ}؛ أي: وقوله سبحانه وتعالى هو الحق الواقع الذي لا شك فيه حين يقول للشيء الذي أراد إيجاده: كن؛ أي: اخرج من العدم، فيكون؛ أي: فيوجد ذلك الشيء الذي


(١) المراغي.