الحشر على الوجوه عبارة عن الذلة والخزي والهوان، أو هو من قول العرب: مر فلان على وجهه إذا لم يدر أين يذهب. روى الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف: صنفًا مشاةً، وصنفًا ركبانا، وصنفًا على وجوههم". قيل: يا رسول الله وكيف يمشون على وجوههم؟ قال:"إن الذين أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم، أما إنهم يتقون بوجوههم كل حدب وشوك".
ولما استكبر الكفار واستعلوا حتى لم يخروا ساجدين لله تعالى .. حشرهم الله تعالى على وجوههم، ولما تواضع المؤمنون .. رفعهم الله على النجائب، فمن هرب عن المخالفة، وأقبل إلى الموافقة نجا، ومن عكس هلك، وأين يهرب العاصي والله تعالى مدركه.
قصة موسى وهارون عليهما السلام
٣٥ - واللام في قوله:{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} موطئة للقسم؛ أي: وعزتي وجلالي لقد آتينا موسى التوراة؛ أي: أنزلناها عليه بعد إغراق فرعون وقومه.
واعلم: أن الله سبحانه ذكر هنا طرفًا من قصص الأولين تسلية له - صلى الله عليه وسلم - بأن تكذيب قوم أنبياء الله لهم عادة للمشركين بالله، وليس ذلك بخاص بمحمد - صلى الله عليه وسلم -. وفي "الإرشاد": والتعرض في مطلع القصة لإيتاء الكتاب مع أنه كان بعد مهلك القوم، ولم يكن له مدخل في هلاكهم كسائر الآيات للإيذان من أول الأمر ببلوغه عليه السلام غاية الكمال، ونيله نهاية الآمال التي هي إنجاء بني إسرائيل من ملك فرعون، وإرشادهم إلى طريق الحق بما في التوراة من الأحكام {وَجَعَلْنَا مَعَهُ}؛ أي: مع موسى، والظرف متعلق بـ {جَعَلْنَا}{أَخَاهُ} الشقيق، مفعول أول له {هَارُونَ} بدل من {أَخَاهُ}، أو عطف بيان وهو اسم أعجمي، ولم يرد في شيء من كلام العرب. {وَزِيرًا} مفعول ثان؛ أي: معينًا يوازره ويعاونه في الدعوة إلى الله وإعلاء الكلمة، فإن الموازرة المعاونة كما سيأتي في مبحث اللغة.