للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سبحانه فتح عليهم بابًا من أبواب جهنم، وأرسل عليهم هدة وحرًا شديدًا مع سكون الريح سبعة أيام بلياليها، فأخذ بأنفاسهم فدخلوا بيوتهم، فلم ينفعهم ظل ولا ماء، فأنضجهم الحر، فخرجوا هربًا، فأرسل الله تعالى سحابة فأظلتهم، فوجدوا لها بردًا وروحًا وريحًا طيبة، فنادى بعضهم بعضًا، فلما اجتمعوا تحت السحابة .. ألهبها الله عليهم نارًا، ورجفت بهم الأرض، فاحترقوا كما يحترق الجراد المقلي فصاروا رمادًا.

{إِنَّهُ}؛ أي: إن عذاب يوم الظلة {كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}؛ أي: شديد هوله وعذابه، فعظم اليوم لعظم العذاب الواقع فيه وشدته، قال قتادة: إن شعيبًا أرسل إلى أمتين؛ أصحاب مدين، ثم أصحاب الأيكة، فأهلكت مدين بالصيحة والرجفة، وأصحاب الأيكة بعذاب يوم الظلة.

والمعنى: أي (١) وهكذا دأبوا على التكذيب، فجازاهم بجنس ما طلبوا من إسقاط الكسف من السماء، فجعل عقوبتهم أن أصابهم حر عظيم أخذ بأنفاسهم لم ينفعهم فيه ظل ولا ماء ولا شراب، فاضطروا أن يخرجوا إلى البرية، فأظلتهم سحابة وجدوا لها بردًا ونسيمًا، فاجتمعوا كلهم تحتها، فأمطرتهم شواظًا من نار فاحترقوا.

١٩٠ - {إِنَّ فِي ذَلِكَ} المذكور من قصة قوم شعيب {لَآيَةً}؛ أي: لدلالة واضحة على صدق الرسل، أو المعنى: أي: إن في ذلك الإنجاء لكل رسول ومن أطاعه، والعذاب لكل من عصاه في كل العصور لدلالة واضحة على صدق الرسل. {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ}؛ أي (٢): أكثر أصحاب الأيكة، بل كلهم؛ إذ لم ينقل إيمان أحد منهم بخلاف أصحاب مدين، فإن جماعة منهم آمنوا. {مُؤْمِنِينَ} بالله سبحانه، وبرسوله شعيب عليه السلام، أو (٣) وما كان أكثر قومك يا محمد بمؤمنين مع أنك قد أتيتهم بما لا يكون معه شك من الدليل والبرهان، لو لم يكن


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.
(٣) المراغي.