للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أنه بمعنى: تصير، وقرىء أيضًا بالتذكير، وبناء المفعول.

٢١١ - {سَلْ} يا محمَّد {بَنِي إِسْرَائِيلَ}؛ أي: أولاد يعقوب الحاضرين منهم توبيخًا لهم وتقريعًا {كَمْ آتَيْنَاهُمْ}؛ أي: أيُّ عدد أعطيناهم {مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ}؛ أي: من معجزة واضحة، وحجج باهرة تدل على صدق أنبيائهم؛ أي: سلهم كم من المعجزات أعطينا لموسى نبيهم تدل على صدقه؟ كيَده، وعصاه، وفلقه البحر، وضربه الحجر، وتظليل الغمام، وإنزال المن والسلوى وغير ذلك، فبدلوها كفرًا؛ أي: أخذوا بدل موجبها وهو الإيمان كفرًا، فاستوجبوا العقاب من الله تعالى، فإنكم لو زللتم عن آيات الله تعالى .. لوقعتم في العذاب كما وقع أسلافكم فيه، وهذا تسلية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أي: فلا غرابة في عدم إيمانهم بك، فإننا آتيناهم آيات بينات على يد موسى، فلم يؤمنوا ولم ينقادوا {وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ}؛ أي: ومن يغير آيات الله الباهرة الدالة على نبوة محمَّد - صلى الله عليه وسلم - بالكفر؛ أي: بدل موجبها الذي هو الإيمان بها بالكفر {مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ}؛ أي: من بعد ما وصلت إليه وعرفها، أو المعنى: ومن يغير دين الله وكتابه بالكفر من بعد ما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - {فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} له فيعاقبه أشد عقوبة؛ لأنه ارتكب أشد جريمة، وفي هذا من الترهيب والتخويف ما لا يقادر قدره.

وقال ابن جرير الطبري (١): النعمة هنا الإِسلام، والظاهر دخول كل نعمة أنعم الله بها على عبد من عباده كائنًا من كان، فوقع منه التبديل لها، وعدم القيام بشكرها، ولا ينافي ذلك كون السياق في بني إسرائيل، أو كونهم السبب في النزول لما تقرر من أن الاعتبار بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب.

{زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا}؛ أي: حسنت (٢) في أعينهم، وأشربت محبتها في قلوبهم حتى تهالكوا فيها، وأعرضوا عن غيرها، والمزين لهم في الحقيقة هو الله تعالى؛ إذ ما من شيء إلا وهو فاعله، ويدل عليه قراءة {زيَّن} بالبناء


(١) شوكاني.
(٢) بيضاوي.