للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{والملائكةِ} بالجر عطفًا على {الْغَمَامِ} أو على {ظُلَلٍ}. قال الأخفش: والملائكة بالخفض بمعنى: وفي الملائكة، قال: والرفع أجود، وقال الزجاج: التقدير في ظلل من الغمام، ومن الملائكة.

والمعنى: هل ينتظرون إلا أن يأتيهم بما وعدهم من الحساب والعذاب في ظلل من الغمام والملائكة؟.

وقوله: {وَقُضِيَ الْأَمْرُ}: معطوف على {يَأْتِيَهُمُ}، داخل في حيز الانتظار، وإنما عدل إلى صيغة الماضي دلالة على تحققه، فكأنه قد كان، أو جملة مستأنفة جيء بها للدلالة على أن مضمونها واقع لا محالة؛ أي: وفرغ من الأمر الذي هو إهلاكهم. وقرأ معاذ بن جبل شذوذًا: {وقضاء الأمر} بالمصدر عطفًا على الملائكة، وقرأ يحيى بن يعمر شذوذًا أيضًا: {وقضى الأمور} بالجمع؛ أي: فهل ينتظرون إلا أن يُقضى الأمر بين الخلائق، ويفصل بينهم بأخذ الحقوق لأربابها، وإنزال كل أحد من المكلفين منزلته، إما في الجنة وإما في النار، وذلك يوم القيامة. {وَإِلَى اللَّهِ} سبحانه وتعالى لا إلى غيره {تُرْجَعُ الْأُمُورُ} يوم النشور؛ أي: ترد إليه أمور الخلائق وشؤونهم؛ ليقضي بينهم القضاء الفاصل، ويجازي كلًّا على عمله.

فإن قلتَ (١): هل كانت الأمور ترجع إلى غيره تعالى؟.

قلت: إن أمور جميع العباد ترجع إليه في الدنيا والآخرة، ولكن المراد من هذا: إعلام الخلق بأنه المجازي على الأعمال بالثواب والعقاب.

وفيه جواب آخر، وهو أنه لمّا عبد قوم غيره تعالى في الدنيا .. أضافوا أفعاله تعالى إلى طاغوتهم، فإذا كان يوم القيامة، وانكشف الغطاء .. ردوا إلى الله أضافوه إلى غيره في الدنيا.

وقرأ ابن كثير (٢)، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم على البناء للمفعول على أنه بمعنى: ترد، وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي على البناء للفاعل بالتأنيث على


(١) الخازن.
(٢) بيضاوي ومراح.