للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حدثنا الوليد قال: سألت زهير بن محمَّد عن قول الله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} قال: ظلل من الغمام منظوم من الياقوت مكلل بالجواهر والزبرجد، وقال ابن أبي نجيح وعن مجاهد: في ظلل من الغمام قال: هو غير السحاب، ولم يكن قط إلا لبني إسرائيل في تيه حين تاهوا.

والقول الأسلم (١) الذي عليه سلف الأمة وأعلام أهل السنة في آيات الصفات وأحاديثها: الإيمان والتسليم لما جاء فيها من الصفات، فيجب علينا الإيمان بظاهرها، وأن نؤمن بها كما جاءت، ونكل علمها إلى الله تعالى وإلى رسوله - صلى الله عليه وسلم -، مع الإيمان والاعتقاد بأن الله تعالى منزه عن سمات الحدوث، وعن الحركة والسكون. قال الكلبي: هذا من الذي لا يفسر، وقال سفيان بن عيينه: كل ما وصف الله به نفسه في كتابه فتفسيره قراءته والسكوت عليه، ليس لأحد أن يفسره إلا الله ورسوله.

وكان الزهري، والأوزاعي، ومالك، وابن المبارك، وسفيان الثوري، والليث بن سعد وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه يقولون في هذه الآية وأمثالها: اقرؤوها كما جاءت بلا كيف ولا تشبيه ولا تأويل، هذا مذهب أهل السنة، ومعتقد سلف الأمة، وأنشد بعضهم في المعنى:

عَقِيْدَتُنَا أَنْ لَيْسَ مِثْلُ صِفَاتِهِ ... وَلاَ ذَاتِهِ شَيءٌ عَقِيْدَةُ صَائِبِ

نُسَلِّمُ آيَاتِ الصِّفَاتِ بِأَسْرِهَا ... وَأَخْبَارَهَا للظَّاهِرِ المُتَقَارِبِ

وَنُؤْيِسُ عَنْهَا كُنْهَ فَهْمِ عُقُوْلِنَا ... وَتَأْوِيْلُنَا فِعْلُ اَللَّبِيْبِ الْمُغَالِبِ

وَنَرْكَبُ لِلتَسْلِيْمِ سُفْنًا فَإِنَّهَا ... لِتَسْلِيْمِ دِيْنِ الْمَرْءِ خَيْرُ الْمَركَبِ

والظلل: جمع (٢) ظلة كقلة وقلل، وهي ما أظلك، وقرأ قتادة، ويزيد بن القعقاع {ظلال} كقلال، والغمام: السحاب الأبيض، وقرأ يزيد (٣) أيضًا


(١) الخازن.
(٢) بيضاوي.
(٣) شوكاني.