١٠٠ - {فَمَا لَنَا} اليوم {مِنْ شَافِعِينَ} يشفعون لنا من العذاب، كما للمؤمنين من الملائكة والأنبياء عليهم السلام
١٠١ - {وَلَا} من {صَدِيقٍ حَمِيمٍ}؛ أي: ذي قرابة؛ أي: صديق قريب موافق في الدين، كما نرى أن للمؤمنين أصدقاء؛ لأنه لا يتصادق في الآخرة إلا المؤمنون، وأما أهل النار فبينهم التباغض والتعادي. والصديق من صدقك في مودته، والحميم القريب المشفق، مأخوذ من حامة الرجل؛ أي: أقربائه، وأفرد الصديق؛ لأنه يطلق على الواحد والإثنين والجماعة والمذكر والمؤنث.
وإنما جمع (١) الشافع لكثرة الشفعاء عادة، ألا ترى أن السلطان إذا غضب على أحد ربما شفع فيه جماعة، كما أن إفراد الصديق لقلته. ولو قيل بعدمه لم يبعد، والمعنى؛ أي: فليس لنا اليوم شفيع يشفع لنا مما نحن فيه من ضيق، أو ينقذنا من هلكة، ولا صديق شفيق يعنيه أمرنا، ويودنا ونوده، ونحو الآية ما جاء في آية أخرى حكاية عنهم:{فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ}، وقد أرادوا بهذا الإخبار إظهار اللهفة والحسرة على فقد الشفيع والصديق النافع، وقد نفوا أولًا أن يكون لهم من ينفعهم في تخليصهم من العذاب بشفاعة، ثم ترقوا ونفوا أن يكون لهم من يهمه أمرهم ويشفق عليهم، ويتوجع لهم، وإن لم يخلصهم.
والخلاصة: أن الأمر قد بلغ من الهول ما لا يستطيع أحد أن ينفع فيه أدنى نفع، وقد مر لك آنفًا أنما جمع الشافع وأفرد الصديق لكثرة الشفعاء عادة وقلة الصديق، ولهذا قال الشافعي رضي الله عنه:
١٠٢ - ثم حكى عنهم تمنيهم الرجوع إلى الدنيا ليعملوا بطاعة ربهم فيما يزعمون، والله يعلم أنهم لو ردوا لعادوا إلى ما نهوا عنه وإنهم لكاذبون، فقال: {فَلَوْ أَنَّ لَنَا