للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمائدة والأنعام والأعراف، والسابعة الأنفال والتوبة، لأنهما كسورة واحدة، إذ ليس بينهما تسمية، روي هذا القول عن ابن عباس، وقيل: المراد بالسبع المثاني السبعة الأحزاب، فإنها سبع صحائف، وعلى القول الأول وجه تسمية الفاتحة مثاني؛ لأنها تثنى؛ أي: تكرر في كل صلاة كما مرَّ، وعلى القول بأنها السبع الطوال فوجه التسمية: أن العبر والأحكام والحدود كررت فيها، وعلى القول بأنها السبعة الأحزاب يكون وجه التسمية هو تكرير ما في القرآن من القصص ونحوها، وقد ذهب إلى أن المراد بالسبع المثاني القرآن كله الضحاك وطاووس وأبو مالك وهو راوية عن ابن عباس، واستدلوا بقوله تعالى: {كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ}، وقيل غير ذلك مما لا طائل تحته، ومما يقوي كون السبع المثاني هي الفاتحة أن هذه السورة مكية، وأكثر السبع الطوال مدنية، وظاهر قوله: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} أنه قد تقدم إيتاء السبع على نزول هذه الآية.

٨٨ - ثم لما بين الله سبحانه لرسوله - صلى الله عليه وسلم - ما أنعم به عليه من هذه النعمة الدِّينية .. نفره عن اللذات العاجلة الزائلة فقال: {لَا تَمُدَّن عَينَيكَ}؛ أي: نظر عينيك، ولا تطمح ببصرك طموح راغب، ولا تدم نظرك {إِلَى مَا مَتَّعْنَا}؛ أي: إلى ما أعطينا به {أَزْوَاجًا}؛ أي: رجالًا {مِنْهُمْ}؛ أي الكفرة من متاع الدنيا وزخارفها، فإن ما في الدنيا بالنسبة إلى ما أعطيت مستحقر؛ أي (١): لا تتمنين أيها الرسول ما جعلنا من زينة الدنيا متاعًا للأغنياء من اليهود والنصارى والمشركين، فإن من وراء ذلك عقابًا غليظًا، والخطاب وإن كان موجَّهًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهو تعليم لأمته كما تقدم مثله، يؤيد هذا ما سبق في أسباب نزول الآية، وإن كان ضعيفًا، من أنه أتت من بصرى وأذرعات سبع قوافل لقريظة والنضير إلخ، وخلاصة ذلك لقد أوتيت النعمة العظمى، التي إذا قيست بها كل النعم كانت حقيرةً، فقد أوتيت سبع آيات هي خير من السبع القوافل، {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ}؛ أي: على الكفرة؛ أي: لا تحزن ولا تتأسف لأجل عدم إيمانهم حيث (٢) لم يؤمنوا، ولم ينتظموا في سلك أتباعك، ليتقوى بهم ضعفاء المسلمين؛ لأن تَقْدُيري عليهم الكُفْرُ، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يود أن


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.