والثاني: إيجابي، وهو الظفر بالنعيم المقيم في الجنة.
١٧ - وبعد أن بين أن صرف العذاب والفوز بالنعيم المقيم من رحمته في الآخرة .. بيَّن أن الأمر كذلك في الدنيا، وأن التصرف فيها له تعالى وحده، فقال:{وَإِنْ يَمْسَسْكَ الله بِضُرٍّ}؛ أي: وإن يصبك الله تعالى ببلية كمرض وفقر ونحو ذلك، والضر: اسم جامع لما ينال الإنسان من ألم ومكروه وغير ذلك مما هو في معناه: {فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ}؛ أي: فلا رافع له عنك إلا هو وحده؛ أي: وإن يصبك أيها الإنسان ضر كمرض وفقر وحزن وذل اقتضته سنة الله .. فلا كاشف له ولا صارف يصرفه عنك إلا هو سبحانه وتعالى دون الأولياء الذين يتخذون من دونه ويتوجه إليهم المشرك بكشفه، وهو سبحانه وتعالى؛ إما أن يكشفه عنك بتوفيقك للأسباب الكسبية التي تزيله، وإما أن يكشفه بغير عمل منك، بل بلطفه وكرمه، فله الحمد على نعمه المتظاهرة التي لا حد لها.
فائدة: فالضر (١) إما في النفس كقلة العلم والفضل والعفة، وإما في البدن كعدم جارحة ونقص ومرض، وإما في حالة ظاهرة من قلة مال وجاه. اهـ "كرخي".
{وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ}؛ أي: وإن يصبك الله سبحانه وتعالى أيها الإنسان بخير ويعطكه؛ كصحة وغنى وقوة وجاه، والخير: اسم جامع لما ينال الإنسان من لذة وفرح وسرور ونحو ذلك: {فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}؛ أي: فهو قادر على حفظه عليك كما قدر على إعطائك إياه، وهو القدير على كل شيء، أما أولئك الأولياء الذين اتخذوا من دونه فلا يقدرون على مسِّك بخير ولا ضر. وعبارة "الخازن" هنا: وهذه الآية خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -، والمعنى: لا تتخذ وليًّا سوى الله؛ لأنه هو القادر على أن يمسك بضر، وهو القادر على دفعه عنك، وهو القادر على إيصال الخير إليك، وأنه لا يقدر على ذلك إلا هو فاتخذه وليًّا وناصرًا