والمعنى؛ أي: هذا الذي تقدم، هو ما يكون جزاء للمؤمنين، كفاء ما قدموا من أعمال صالحة.
{وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ}؛ أي: وإن للذين طغوا على الله، وكذبوا الرسل؛ أي: وإن للكافرين الخارجين عن طاعة الله تعالى، المكذبين لرسله {لَشَرَّ مَآبٍ} وأقبح مرجع في الآخرة وشر منقلب ينقلبون إليه،
٥٦ - ثم بين ذلك فقال {جَهَنَّمَ} بدل من {شر مآب}، أو عطف بيان له أو منصوب بأعني. وقوله:{يَصْلَوْنَها} حال من المستكن في {لِلطَّاغِينَ}؛ أي: حال كونهم يدخلونها، ويجدون حرها يوم القيامة، ولكن اليوم مهدوا لأنفسهم. {فَبِئْسَ الْمِهادُ}؛ أي: قبح الفراش لهم جهنم، والمهد، والمهاد: الفراش، مستعار من فراش النائم، إذ لا مهاد في جهنم، ولا استراحة، وإنما مهادها نار، وغواشيها نار، كما قال في آية أخرى {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ}؛ أي: فراش من تحتهم. و {مِنْ} تجريدية. {وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ}؛ أي: أغطية.
والمعنى: أي هم يدخلون جهنم، ويقاسون شديد حرها، فبئس شرابًا هي.
٥٧ - ثم أمرهم أمر تهكم وسخرية، بذوق هذا العذاب. فقال:{هذا فَلْيَذُوقُوهُ}؛ أي: ليذوقوا هذا العذاب، والذوق: وجود الطعم بالفم، وأصله في القليل، لكنه يصلح للكثير الذي يقال له: الأكل، وكثر استعماله في العذاب تهكمًا.
وارتفاع {حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ} على أنهما خبران لمبتدأ محذوف؛ أي: ذلك العذاب حميم؛ أي: ماء حار بلغ نهاية الحرارة، {وَغَسَّاقٌ}؛ أي: قيح وصديد يسيل من أهل النار، وقيل: هذا في موضع رفع بالابتداء، و {حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ} خبران له، فيكون الكلام على التقديم والتأخير، فتقدير الآية: حميم وغساق فليذوقوه، قاله الفراء والزجاج، والحميم: الماء الذي انتهى حره، والغساق: ما يسيل من جلد أهل النار من القيح والصديد، كما مر آنفًا. وفي «القاموس»: الغساق: الماء البارد المنتن، لو قطرت منه قطرة في المشرق، لنتنت أهل المغرب، ولو قطرت قطرة في المغرب، لنتنت أهل المشرق، وقال الحسن: هو عذاب لا يعلمه إلا الله، إن ناسًا أخفوا لله طاعة، فأخفى لهم ثوابًا في قوله: