للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ذلك مما يرغّب الناس في معاملتكم، وحب الثناء عليكم {وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}؛ أي: وأجمل عاقبة لما يترتّب على ذلك من الثواب في الآخرة، والخلاص من العقاب الأليم، وكثير من الفقراء الذين اشتهروا بالأمانة، والبعد عن الخيانة، أقبلت عليهم الدنيا، وحصل لهم الثروة والغنى وكان ذلك سبب سعادتهم في الدنيا، فقوله: {تَأْوِيلًا} تفعيل من آل إذا رجع، وهو ما يؤول إليه أمره.

٣٦ - وبعد أن ذكر سبحانه أوامر ثلاثةً نهى عن مثلها فقال: {وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}؛ أي: ولا تتبع أيها المرء ما لا علم لك به ولا ظنّ من قول أو فعل، من قولك: قفوت فلانا إذا اتبعت أثره، ومنه قافية الشّعر؛ لأنها تقفو كل بيت، ومنه القبيلة المشهورة بالقافة؛ لأنهم يتّبعون آثار أقدام الناس؛ أي: لا تكن (١) في اتباع ما لا علم لك به من قول، أو فعل، كمن يتبع مسلكًا لا يدري أنه يوصله إلى مقصده، وذلك (٢) دستورٌ شامل لكثير من شؤون الحياة، ومن ثمّ قال المفسرون فيه أقوالا كثيرة:

١ - قال ابن عباس: لا تشهد إلّا بما رأت عيناك وسمعته أذناك، ووعاه قلبك.

٢ - قال قتادة: لا تقل سمعت ولم تسمع، ولا رأيت ولم تر، ولا علمت ولم تعلم.

٣ - وقيل: المراد النهي عن القول بلا علم، بل بالظن والتوهم كما قال: {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} وفي الحديث «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث».

٤ - وقيل: المراد نهي المشركين عن اعتقاداتهم تقليدًا لأسلافهم، واتّباعًا للهوى كما قال: {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ}.


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.