للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أحدها: أنه عائد على الرسل الكرام، ومعنى الاستفتاح؛ الاستنصار، كقوله تعالى: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ} وقيل: طلب الحكم من الفتاحة؛ أي: الحكم بين الخصمين.

الثاني: أن يعود على الكفار؛ أي: استفتح أمم الرسل عليهم، كقوله {فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ}. وقيل: عائد على الفريقين؛ لأن كلًّا طلب النصر على صاحبه. وقيل: يعود على قريش؛ لأنهم في سني الجدب استمطروا فلم يمطروا، وهو على هذا مستأنف، وأما على غيره من الأقوال، فهو عطف على قوله: {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ}. وقرأ ابن عباس ومجاهد وابن محيصن؛ واستفتحوا بكسر التاء الثانية على لفظ الأمر أمرًا للرسل بطلب النصرة، وهي مقوية لعوده في المشهور على الرسل، والتقدير: قال لهم لنهلكن، وقال لهم استفتحوا. اهـ. "سمين".

ثم ذكر مآل المشركين وبين أن النصر للمتقين، فقال: {وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ}؛ أي: وهلك كل متكبر مجانب للحق منحرف عنه، فهو معطوف (١) على محذوف تقديره: واستفتحوا فنصروا عند استفتاحهم، وظفروا بما سألوا، وأفلحوا وخاب وخسر وهلك عند نزول العذاب قومهم الجبارون المعاندون، والجبار: المتكبر الذي لا يرى لأحد عليه حقًّا، والعنيد: المعاند للحق والمجانب له.

وإنما قيل: {وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} ذمًّا لهم وتسجيلًا عليهم بالتجبر والعناد، لا أن بعضهم ليسوا كذلك، وأنه لم تصبهم الخيبة.

١٦ - وقوله: {مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ} جملة في محل جر صفة لـ {جَبَّارٍ}، ويجوز أن تكون الصفة وحدها الجار، و {جَهَنَّمُ} فاعل به؛ أي: من وراء (٢) ذلك الجبار العنيد؛ أي: قدامه وأمامه جهنم؛ أي: هي له بالمرصاد تنتظره ليسكنها مخلدًا فيها أبدًا، ويعرض عليها في الدنيا غدوًا وعشيًّا إلى يوم التناد، وهذا (٣) وصف حال كل جبار عنيد،


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.
(٣) روح البيان.